ثم « المطال » في قوله : ( ومطالي ) هو المصدر الثاني من المصادر الثلاث التي كانت لباب المفاعلة ، والمعنىٰ : مماطلتها إياي ومماطلتي إياها. والمماطلة : تأخير الحقّ عن ذي الحقّ ، ومنه الحديث : ( من مطل علىٰ ذي حق حقه فهو ملعون ).
فيقول السائل : خدعتني الدنيا بغرورها ، وخدعتني نفسي بخيانتها ومماطلتها إياي عن حقّي الذي هو ما يتقرّب به إلىٰ الله تعالىٰ ، من معرفته ومعرفة صفاته وأسمائه ، والتخلّق بأخلاقه. وفي إتيانه بلفظ « المطال » دون « المطل » إشعار بأنّ المماطلة من الطرفين ، يريد أنّه كما أنّ نفسي ماطلتني عن حقي ، كذلك ماطلتها عن حقّها الذي هو سوق الشهوات ونيل الأماني والآمال.
( يَا سَيِّدِي )
قد جاء « سيّد » لمعانٍ.
قال في المجمع : « السيّد : الرئيس الكبير في قومه المطاع في عشيرته وإن لم يكن هاشمياً ولا علوياً ، والسيّد : الذي يفوق في الخير ، والسيد : المالك. ويطلق علىٰ : الربّ ، والشريف ، والفاضل ، والكريم ، والحليم ، والمتحمّل أذىٰ قومه ، والزوج ، والمقدّم » (١) انتهىٰ.
و ( السيّد ) من أسمائه تعالىٰ ، فهو في حقّه بمعنىٰ الربّ المالك الشريف ، الفاضل الكريم الحليم المقدّم ، الفائق في الخير. والمعاني الاُخر لا [ تناسبه ] (٢) تعالىٰ إلّا إذا جُرّدت عمّا يدلّ علىٰ التجسّم.
ثم لمّا وصف السائل طائفة من نعمه تعالىٰ ومننه بالنسبة إليه ـ وأبرز غصّته من جرائمه وآثامه ، وسوء أحواله وآلامه ، وعظم بلائه ، وخداع الدنيا ، وخيانة نفسه ومماطلتها إياه صار المقام مقام الالتجاء والاستعاذة إليه تعالىٰ ، ولذا قال :
_____________________________
(١) « مجمع البحرين » ج ٣ ، ص ٧١ ، مادة « سيد ». |
(٢) في المخلوط : « يناسب به ». |