طلب المطلوب المحبوب.
وفي الحديث : ( الصبر صبران : صبر [ علىٰ ] ما تكره ، وصبر علىٰ ما تحب ) (١).
فالصبر الأول : مقاومة النفس للمكاره الواردة عليها ، وثباتها وعدم انفعالها ، وقد يسمّىٰ : سعة الصدر ، وهو داخل تحت الشجاعة.
والصبر الثاني : مقاومة النفس لقوّتها الشهوية ، وهو فضيلة داخلة تحت العفّة.
ثمّ إنّ السائل أدرج فراق أحبّاء الله تعالىٰ وأوليائه في فراقه تعالىٰ ، وإلّا فالأولىٰ أن يقول : فكيف أصبر علىٰ فراقك وفراق أحبائك وأوليائك ، إشارة إلىٰ أنّ فراقَهم من حيث إنّهم أولياؤه فراقُه تعالىٰ ؛ إذا العلة واجدة لكمال المعلول بنحو الأتمّ. ولهذا ورد : ( مَن أحبهم فقد أحب الله ، ومن أبغضهم فقد أبغض الله ، ومن أطاعهم فقد أطاع الله ) (٢).
وفي مناجاة الشيخ عبدالله الأنصاري ، قال بالفارسية : « إلهي چون آتش فراق داشتي باتش دوزخ چه کار داشتي ؟ » (٣).
أقول : ظنّي أنه ألهمه الله تعالىٰ ـ إذ ناجاه بهذه المناجاة ـ أنّه خلقتُ نار السعير لإحراق جلود الفاسقين والكافرين في الآخرة ، وجعلتُ نار فراقي لأحرق بها قلوب العاشقين والعارفين في الأُولىٰ.
أي فراقت همچو نار مؤصده |
|
زد بهر بندم هزار آتشكده |
سينه خواهم شرحه شرحه از فراق |
|
تا بگويم شرح درد اشتياق |
( وَهَبْني صَبَرتُ عَلَىٰ حَرِّ نَارِكَ )
أي نار جهنم. وجملة ( هَبني ) معطوفة علىٰ ( هبني ) الاُولىٰ.
_____________________________
(١) « بحار الأنوار » ج ٦٨ ، ص ٩٥ ، والزيادة من المصدر.
(٢) « بحار الأنوار » ج ٣٨ ، ص ١٣٩ ، ج ٣٩ ، ص ٢٥٠ ، باختلاف.
(٣) انظر « شرح الأسماء » ص ١٠٧.