يدلُّ علىٰ عدم اشتقاقه من شيء ، فإنّه قال : « أصل « الله » ، كأن الهاء المستديرة ؛ لمناسبة أنَّ الدائرة أفضل الأشكال وأصلها ، وأنها لا نهاية لها ؛ إذ الخط ينتهي بالنقطة وهي طرف الخط ، ولا طرف للدائرة ، وأنّ البدء والختم فيها واحد ، وقد تكتب بالدائرتين إشارة إلىٰ الجمال والجلال ، وقد تكتب بدائرة واحدة إشارة إلىٰ أنّ صفاته الحقيقية عين ذاته تعالىٰ. هذه هي المناسبة بحسب الرسم والكَتْب.
وأمّا المناسبة بحسب اللفظ والنطق ، فلأنّها جارية علىٰ أنفاس الحيوانات كلّها ، سواء كانت أهل الذكر والعلم بالعلم التركيبي أو بالعلم البسيط.
ثم اُعرب بالضمّة ، إشارة إلىٰ ترفّع المسمّىٰ ، ثم تارةً اُشبع ، إشارةً إلىٰ أنّه تعالىٰ فوق التمام ، وأنّه فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهىٰ عدّة ومدّة وشدّة ، فصار بالإشباع ( هو ) ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) (١).
وتارة اُدخل عليه لام الاختصاص والتمليك ، فصار : ( له ) فـ ( لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) (٢). ثم اُشبع فتح اللام ، إشارة إلىٰ أنه من عنده الفتوح التامّ ، فصار ( لاه ). ثمّ اُدخل عليه لام التعريف ، إشارة إلىٰ أنه تعالىٰ معروف ذاته لذاته ولما سواه ( أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٣) فصار ( الله ) » (٤) انتهىٰ كلامه.
ثمّ إنَّ العلماء أطبقوا علىٰ أنَّ هذا الاسم الشريف هو الاسم الأعظم ، وفيه أسرار لا تعدّ ولا تحصىٰ ؛ لأنّه ـ علىٰ الأصح ـ عَلَم للذات المقدّسة الجامعة لجميع الصفات العليا والأسماء الحسنىٰ.
وفي الحديث : سُئل عليهالسلام عن معنىٰ ( الله ) فقال : ( استولىٰ علىٰ ما دقّ وجلّ ) (٥).
وفيه أيضاً : ( الله معنىً يُدلّ عليه بهذه الأسماء ، وكلّها غيره ) (٦).
أراد عليهالسلام أنّ سائر الأسماء معانيها مشمولة للذات الواجبة الجامعة لجميع صفات
_____________________________
(١) « الاخلاص » الآية : ١. |
(٢) « الأعراف » الآية : ٥٤. |
(٣) « إبراهيم » الآية : ١٠. |
(٤) « شرح دعاء الصباح » ص ٤ ـ ٥ ، بتفاوت. |
(٥) « الكافي » ج ١ ، ص ١١٥ ، ح ٣. |
(٦) « الكافي » ج ١ ، ص ١١٤ ، ح ٢. |