الكمالات ، التي هي مسمّىٰ الاسم ( الله ) بخلاف تلك الأسماء ، فإنّ كلاً منها يدلّ علىٰ الذات ولكن لا مطلقاً ، بل ملحوظاً بتعيّن من التعيّنات النورية ، وسيأتي توضيح ذلك عند قوله : ( وبأسمائك التي ملأت أركان كلّ شيء ) ، إن شاء الله تعالىٰ.
( إنّي )
أثبت السائل لنفسه الإنيّة ، إشعاراً بأنّه ممسوس في إنيّة الإنيّات ، كما ورد : ( إنّ عليّاً ممسوس في الله ) (١) أو إشارة بأنه ممسوس بالوجود ، والوجود إشراق الله تعالىٰ : ( اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٢).
وهذا الامتساس من أعظم النعماء التي أنعمه الله بها ، فحدّث بهذه النعمة العظمىٰ والمنّة القصوىٰ ، امتثالاً لقوله تعالىٰ : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) (٣).
هذا ، وإن كان إثبات الإنية للنفس من أعظم الخطايا عند أصحاب الحقيقة وأرباب العيان ، كما قيل :
........................ |
|
وجودك ذنب لا يقاس به ذنب |
وقيل :
بيني وبينك إنّي ينازعني |
|
فارفع بلطفك إنّيِّ من البين (٤) |
إلّا إنّه من باب : ( حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ) (٥).
وبالإضافة وتوضيح المقام : أنّه لمّا كان المقام مقام التضرّع والابتهال ـ كما قال تعالىٰ : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٦) وقال : ( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي
_____________________________
(١) « بحار الأنوار » ج ٣٩ ، ص ٣١٣ ، ج ١٠٧ ، ص ٣١.
(٢) « النور » الآية : ٣٥. |
(٣) « الضحىٰ » الآية : ١١. |
(٤) « ديوان الحلّاج » ص ١٦٠. |
(٥) « بحار الأنوار » ج ٢٥ ، ص ٢٠٥. |
(٦) « الأعراف » الآية : ٥٥.