نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ) (١) ـ أشار السائل إلىٰ أنّه في أسئلته ودعواته ليس ممّن كتم ما أنعمه المنعم وتكدّىٰ في ازدياد النعمة ضنّة وولعاً وإمساكاً وهلعاً ، بل اعترف في أوّل الأمر وابتداء الحال بأنّه من المستغرقين في آلائه تعالىٰ ، ومن المستخلعين بخلعه الفاخرة ، من الوجود والحياة والقدرة والعلم والعرفان ، وغيرها من لواحق الوجود التي دارت معه حيثما دار ، كما قيل :
نور اُو آز يمن ويسار وتحت وفوق |
|
بر سر وبر گردنم افكنده طوق |
كمن لبس ثياب الخلعة ، وقام عند منعمه تعظيماً لإكرامه ، وحامداً لأنعامه ، قائلاً بلسان حاله الذي هو أفصح من لسان قاله ، بل أصدق منه : ربّ ( لا اُحصي ثناء عليك ، أنتَ كما أثنيتَ علىٰ نفسك ) (٢).
گر بهر مولى زبانى باشدم |
|
شكر يك نعمت نگويم ﭐز هزار |
وبالجملة ، ففي أمثال هذا المقام إن أثبت السائلون لنفوسهم الإنيّة فعلىٰ ضرب من المجاز ؛ لأنّه ـ كما حقق في موضعه ـ شيئية الشيء كانت بصورته وتمامه ، وتماميته بفاعله وعلّته ، كما قال الحكماء : نسبة الشيء إلىٰ فاعله بالوجوب والوجدان ، وإلىٰ قابله بالإمكان والفقدان.
ومن المعلوم أنّ فوق التمام وعلّة العلل وفاعل الفواعل هو الحقّ الأوّل الجاعل تعالىٰ شأنه ، فالإشارة إلىٰ النفس في الحقيقة إشارة إلىٰ مقوّمها ، سواء كان المشير من ذوي الاستشعار بهذا أم لا.
تو دير بزى كه من برفتم ز نسيان |
|
گر من گويم ز من توئى مقصود |
_____________________________
(١) « الأعراف » الآية : ٢٠٥. |
(٢) « مصباح الشريعة » ص ٥٦. |