ولهذا قال معلم هذا الدعاء عليهالسلام : ( معرفتي بالنورانية معرفة الله عزّ وجلّ ) (١).
وقال صلىاللهعليهوآله : ( من رآني فقد رأىٰ الحقّ ) (٢).
ففي الحقيقة هو تعالىٰ كان سائلاً ومسؤولاً وذاكراً ومذكوراً ، كما قال الشاعر :
لقد كانت دهراً قبل أن يكشف الغطاء |
|
أخالُك أنّي ذاكر لك شاكرُ |
فلمّا أضاء الليل أصبحتُ عارفاً |
|
بأنّك مذكور وذكرٌ وذاكرُ (٣) |
فإذا كشف عنك غطاؤك ، وحدّد بصرك تُصدّق بقوله تعالىٰ : ( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ) (٤) تصديقاً شهودياً.
( أسْألُكَ )
السؤال يستعمل في الداني بالنسبة إلىٰ العالي ، بخلاف الالتماس فإنّه يستعمل في المساوي ، وأمّا في العرف فاشتهر بعكس ذلك.
( بِرَحْمَتِكَ التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ )
المراد بالرحمة هنا : الوجود المطلق الذي هو قسم من مطلق الوجود والمشيئة الفعلية كما ورد : ( إنّ الله خلق الأشياء [ بالمشيئة ] ، والمشيئة بنفسها ) (٥). والوجود المنبسط والفيض المنبسط الذي فاض علىٰ كلّ الماهيات والأعيان الثابتات المرحومة بها ، والفيض المقدس ؛ لأنه بذاته عارٍ عن أحكام الماهيات ، كما أنّ ظهور ذاته تعالىٰ بالأسماء والصفات في المرتبة الواحدية يسمّىٰ بالفيض الأقدس ، لا ما
_____________________________
(١) « بحار الأنوار » ج ٢٦ ، ص ١ ، ح ١.
(٢) « صحيح البخاري » ج ٦ ، كتاب التعبير ، ص ٢٥٦٨ ، ح ٦٥٩٥.
(٣) نُسب هذان البيتان للقيصري ، كما في « المجلي » ص ٢٩٤ ، الهامش.
(٤) « النجم » الآية : ٢٣.
(٥) « الكافي » ج ١ ، ص ١١٠ ، ح ٤ وفيه : ( خلق الله المشيئة بنفسها ، ثمّ خلف الأشياء بالمشيئة ).