قال تعالىٰ في القدسي لموسىٰ عليهالسلام : ( يا موسىٰ اذكرني ، فإنّ ذكري حسن علىٰ كلّ حال ) أي علىٰ كل الأحوال والأوضاع ، قائماً كان أو قاعداً ، راكعاً كان الذاكر أو ساجداً ، مستلقياً كان أو منبطحاً أو مضطجعاً ، وسواء كان الذاكر علىٰ الطهارة أو علىٰ القذارة ، في المسجد كان أو في الحمام ، والسوق أو في الخلاء والملاء ، ففي كل حال ذكره مستحسن ، ولذا قال تعالىٰ : ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ) (١).
وقد ذكر في مواضع من القرآن ذكره تعالىٰ مقروناً بلفظ الكثرة ، وأمر عباده بكثرة التذكر ، إشعاراً بأنّ كثرة تذكّره يطرد الشيطان عن نفس الإنسان ، ويقرّبه إلىٰ الرحمن كما قال المولوي رحمهالله في المثنوي :
ذكر حق پاکست چون پاکی رسيد |
|
رخت بريندد برون آيد پليد |
المعمورة : خلاف الخروبة.
( وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً )
أي تجعل أوقاتي في الليل والنهار بخدمتك موصولة ومتصلة ، كقول الشاعر :
ورث الوزارة كابراً عن كابر |
|
موصولة الأسناد بالأسنادِ |
أي متصلة الأسناد ، بحيث لم يفصل بين أكابر غير الوزير أحد.
( وَأعْمالِي عِنْدَكَ مَقْبوُلَةً )
يريد أن توفقني لأن أعمل عملاً تقبله في الغابر ، فخير الأعمال وأحسنها وأشرفها طاعة الله تعالىٰ ، فإنها جُنّة ووقاية من امتساس النيران ، كما ورد : ( إن طاعة الله حرز من أوار نيران موقدة ) وفي الحديث أيضاً : ( ما من صلاة يحضر وقتها إلّا ونادىٰ ملك بين يدي الناس : قوموا إلیٰ نيرانكم التي أوقدتموها وراء ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم ).
_____________________________
(١) « الأحزاب » الآية : ٣٥.