إليها ، وهو ـ أي وجوب الوجود ـ تأكّد الوجود وشدّة النورية ، والصفات الحقيقية هي الصفات المحضة كالوجوب والحياة ومبادئ الصفات الإضافية ، كالعلم فإنه مبدأ صفة العالمية ، والقدرة فإنها مبدأ صفة القادرية ، والإرادة فإنها مبدأ صفة المريدية ، جميعها عين ذاته تعالىٰ وليست زائدة علىٰ ذاته كما زعمته الأشاعرة (١) ، وإلّا يلزم تعدد القدماء ، ولا الذات نائبة منابها كما زعمته المعتزلة (٢) ؛ لأن حقيقة الصفات فيه تعالىٰ ولا يصح سلبها عنه ؛ إذ كما مرّ في القدرة للصفات مراتب ، ومرتبة منها ذات مستقلة واجبة.
والبرهان علىٰ عينية الصفة الحقيقية ومبادئ الصفات الإضافية كما قال الحكماء (٣) العظام : أنه لو لم تكن عين الذات يلزم أن تكون ذاته تعالىٰ من جهة واحدة فاعلة وقابلة ، وهو محال ، ولم يكن بذاته مستحقاً لحمل « عالم » و « قادر » و « خالق » وغيرها ، بل يكون عالماً بالعلم وقادراً بالقدرة ، وهكذا.
وبيان الملازمة : أنه علىٰ تقدير الزيادة كان ذاته في مرتبة ذاته عارية عن الكمال ، فكان له إمكانه ، والإمكان إذا كان موضوعه أمراً تعمّلياً كالماهية من حيث هي كان ذاتياً ، وأما إذا كان أمراً واقعياً كالمادة كان استعدادياً ، والموضوع هنا عين الوجود الصرف.
فالخلوّ عن الكمال ليس بمجرّد كما في الماهية ، بل أمر واقعي ، فالإمكان استعدادي ، وحامل الاستعداد والقوة مادة ، والمادة تلازم الصورة ، والمركب من المادة والصورة جسم ، تعالىٰ عن الجسمية علوّاً كبيراً. والأحاديث في هذا الباب ـ أي عدم الزيادة ـ كثيرة.
( أنْ تَجْعَلَ أوْقاتِي فِي اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً )
_____________________________
(١) انظر « شرح المواقف » ج ٨ ، ص ٤٤. |
(٢) انظر « شرح المقاصد » ج ٤ ، ص ٦٩ ، ٨٦. |
(٣) انظر : « شرح المواقف » ج ٨ ، ص ٤٧.