وقال بعضهم : هي كلّ ذنب رتّب عليه الشارع جدّاً ، أو نصّ فيه بالعقاب (١).
وقالت فرقة : إنّها كلّ خطيئة تؤذن بأنّ فاعلها قليل الاعتناء في دين الله تعالىٰ.
وقال جماعة : إنّها كلّ ذنب ثبت حرمته بالبرهان.
وقالت طائفة : هي كلّ ذنب أوعد الله تعالىٰ فاعلها في القرآن الحكيم بالعذاب الأليم ، أو أوعد حججُه تعالىٰ في سنّتهم السديدة بالعقوبة الشديدة (٢).
وعن عبد الله بن مسعود أنّه قال : اقرؤوا من أوّل سورة النساء إلىٰ قوله تعالىٰ : ( إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) (٣) ، فكلّ ما نهي عنه في هذه السورة إلىٰ هذه الآية فهو كبيرة.
وقالت الطائفة : الذنوب كلّها كبائر ؛ لاشتراكها في مخالفة الأمر والنهي ، لكن قد يطلق الصغيرة والكبيرة علىٰ الذنب بالإضافة إلىٰ ما فوقه وما تحته ، كما أنَّ القُبلة بالنسبة إلىٰ الزنا صغيرة ، وبالنسبة إلىٰ النظر بالشهوة كبيرة.
قال الشيخ الجليل أمين الإسلام أبو علي الطبرسي ـ طاب ثراه ـ في مجمع البيان بعد نقل هذا القول : « وإلىٰ هذا ذهب أصحابنا ـ رضي الله عنهم ـ فإنّهم قالوا : المعاصي كلّها كبيرة ، لكنَّ بعضها أكبر من بعض ، وليس في الذنوب صغيرة ، وإنما تكون صغيرة بالإضافة إلىٰ ما هو أكبر ، ويستحق العقاب عليه أكثر » (٤). انتهىٰ كلامه قدسسره.
وفي مجمع البحرين : قال : « الذنوب تتنوع إلىٰ : مالية وبدنية ، وإلىٰ : قولية وفعلية ، والفعلية تختلف باختلاف الآلات التي تفعل بها ، إلىٰ غير ذلك.
فمنها : ما يغيّر النعم ، ومنها : ما يُنزل النقم ومنها : ما يقطع الرجاء ، ومنها : ما يديل الأعداء ، ومنها : ما يردُّ الدعاء ، ومنها : ما يستحق بها نزول البلاء ، ومنها ما يحبس
_____________________________
(١) « التفسير الكبير » ج ١٠ ، ص ٦١ ، حكاه عن ابن عباس.
(٢) « التفسير الكبير » ج ١٠ ، ص ٦١. |
(٣) « النساء » الآية : ٣١. |
(٤) « مجمع البيان » ج ٣ ، ص ٥١.