( قَانِعَاً )
القانع : هو الذي يقنع ويرضىٰ بالقليل ، ولا يسخط ولا يكره بقلّة المعيشة. وفي الصحاح : « القانع : الراضي بما معه وبما يعطىٰ من غير سؤال » (١).
أقول : فضيلة القناعة في الأخبار كثيرة ، كقوله عليهالسلام : ( القانع غني وإن جاع وعرىٰ ، ومَن قنع استراح من أهل زمانه واستطال علىٰ أقرانه ، ومَن قنع فقد اختار الغنىٰ علىٰ الذل ، والراحة علىٰ التعب ) وقوله عليهالسلام : ( القناعة كنز لا ينفد ) (٢). ولعل عدم نفاده لأنّ الإنفاق منه لا ينقطع كلّما تعذر عليه شيء من اُمور الدنيا قنع القانع بما دونه ورضي به.
وقوله عليهالسلام : ( عَزّ مَن قنع ، وذلّ مَن طمع ).
وقول أمير المؤمنين عليهالسلام : ( إنّي طلبت الغنىٰ فما وجدت إلّا بالقناعة ، عليكم بالقناعة تستغنوا ، وطلبت القدر والمنزلة فما وجدت إلّا بالعلم ، تعلّموا يعظم قدركم في الدارين ، وطلبت الكرامة فما وجدت إلّا بالتقوىٰ ، اتقوا الله لتكرموا ، وطلبت الراحة فما وجدت إلّا بترك مخالطة الناس ، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس تستريحوا ) (٣).
أو غير ذلك من الأحاديث التي تدلّ علىٰ فضيلة القناعة.
وسرّها واضح ؛ إذ من المعلوم أنّ من قنع بالقليل من الزاد في مسافرته إلىٰ الله تعالىٰ أمن من الكد والتكلّف والسعي في الطلب ، ولا يوقع نفسه في متاعب الكسب ومصاعب الاُمور ، ويتقّي بوجهه سوء الاكتساب ، حتّىٰ لا يقع في الشبهات والمحرّمات ، ولهذا يصان دينه وإيمانه ، وكان بمعزل من الصفات الخسيسة والسمات الخبيثة ، ويقبل بجميع وجوهه إلىٰ الله تعالىٰ ، ويجعل غاية عزيمته سرعة سيره من هذا الجسر ؛ ليلتحق بالمفردين (٤) ، يسلك في سلك المقرّبين أو في حزب أصحاب اليمين ، وتبرّأ عن الانخراط في زمرة المكذّبين الضالين.
_____________________________
(١) « الصحاح » ج ٣ ، ص ١٢٧٣. |
(٢) « روضة الواعظين » ص ٤٥٤. |
(٣) « بحار الأنوار » ج ٦٦ ، ص ٣٩٩ ، ح ٩١. |
(٤) كذا في المخطوط. |