إلا يسيرا حتى وردت عليه رقعة أخ من إخوانه ، وذكر إضاقته في العيد ، ويستدعى منه مثل ما استدعاه ، فوجه بالصرة إليه بختمها وبقي الأول لا شيء عنده ، فكتب إلى صديق له وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير يذكر حاله ويستدعى منه ما ينفقه في العيد ، فأنفذ إليه الصرة بخاتمها. فلما عادت إليه صرته التي أنفذها بحالها ركب إليه ومعه الصرة وقال له : ما شأن هذا الصرة التي أنفذتها إلى؟ فقال له : إنه أظلنا العيد ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان ، فكتبت إلى فلان أخينا استدعى منه ما ننفقه فأنفذ إلى هذه الصرة ، فلما وردت رقعتك على أنفذتها إليك. فقال له : قم بنا إليه ، فركبا جميعا إلى الثاني ومعهما الصرة ، فتفاوضوا الحديث ثم فتحوها فاقتسموها أثلاثا.
قال أبو الحسن : قال لي أبي : والثلاثة يعقوب بن شيبة ، وأبو حسّان الزيادي القاضي. وأنسيت أنا الثالث.
أخبرنا علي بن طلحة المقرئ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدثنا أبو مزاحم موسى ابن عبيد الله. قال : قال لي عمي عبد الرّحمن بن يحيى بن خاقان : أمر المتوكّل بمسألة أحمد بن حنبل عمن يتقلد القضاء. قال أبو مزاحم : فسأله عمي فأجابه فذكر جماعة ، ثم قال : وسألته عن يعقوب بن شيبة؟ فقال : مبتدع صاحب هوى.
قلت : إنما وصفه أحمد بذلك لأنه كان يذهب إلى الوقف في القرآن.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال : توفي أبو يوسف يعقوب بن شيبة بن الصّلت بن عصفور بن شداد بن هميان السّدوسيّ ـ مولى لهم ـ لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين ومائتين.
أخبرني بذلك محمّد بن أحمد بن يعقوب. قال : وسمعت أبي يقول : ولد أبي يعقوب بن شيبة في سنة اثنتين وثمانين ومائة. وكان يعقوب من فقهاء البغداديين على قول مالك ، من كبار أصحاب أحمد بن المعدل ، والحارث بن مسكين ، وأخذ عن عدة من أصحاب مالك ، وكان من ذوي السرو ، كثير الرواية والتصنيف ، وكان يقف في القرآن ولم يغير شيبه.
كان يسكن في الجانب الشرقي بسوق العطش ، وحدث عنه شبابة بن سوار ، ويونس بن محمّد المؤدّب. روى عنه محمّد بن مجاهد.