استوزره أمير المؤمنين المهدي ، وقرب من قلبه وغلب على أمره ، ثم نكبه وأودعه السجن ، فلم يزل فيه محبوسا إلى أن ولى هارون الرّشيد الخلافة فأطلق عنه. ويقال : إن يعقوب كان سمحا جوادا ، كثير البر والصدقة واصطناع المعروف. وذكره دعبل بن علي في شعراء أهل بغداد.
أخبرنا أبو القاسم سلامة بن الحسين المقرئ وأبو طالب عمر بن محمّد بن عبيد الله المؤدّب قالا : أخبرنا علي بن عمر بن أحمد الحافظ ، حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثني محمّد بن عبد الله بن طهمان ، حدثني أبي قال : جاءت امرأة من اليمامة جعدية مملوكة لبني جعدة يقال لها وحشية ، قد كاتبت على ولدها وأخيها وأهل بيتها بألف دينار ، فوقفت بين يدي يعقوب بن داود فقالت :
أما ومعلم التوراة موسى |
|
ومرسى البيت في حرم الألال |
وباعث أحمد فينا رسولا |
|
فعلمنا الحرام من الحلال |
لشهرا نحو يعقوب سرينا |
|
فأداني له وقت الهلال |
أغثني يا فداك أبي وأمي |
|
وعمي لا أحاشيه وخالي |
يبشرني بنجحي كل طير |
|
جرت لي عن يميني أو شمالي |
قال : فقال : صدقت طيرك فأعطاها ألف دينار. وقال : ارحلي فاشتري أهلك ، وولدك وأقدميهم ، ففعلت ، فما زالت في عيال يعقوب هي وأهلها أجمعون حتى ماتت.
ولسلم الخاسر ، وأبي الشيص ، وأبي حنش ، وغيرهم من الشعراء مدائح في يعقوب ، وأما بشار بن برد فكان يعقوب عنه منحرفا ، فهجاه بشار وهجا المهدي بسببه عند غلبة يعقوب عليه. فمما قال بشار في المهدي بسببه :
بني أميّة هبوا ، طال نومكم |
|
إن الخليفة يعقوب بن داود |
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا |
|
خليفة الله بين الزق والعود |
وقيل : إن يعقوب كان يعمل على لسان بشار الشعر في هجاء المهدي وينشده المهدي على أنه لبشار ، وما زال يسعى عليه عند المهدي حتى قتله.
__________________
٧٥٥٩ ـ انظر : نكت الهميان ٣٠٩. ووفيات الأعيان ٢ / ٣٣١. والبداية والنهاية ١٠ / ١٤٧. وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٢١١. وتاريخ ابن الأثير ٦ / ٢٣. وتاريخ الطّبري ١٠ / ٣ ، ٨٩. ومرآة الجنان ١ / ٤١٧. والأعلام ٨ / ١٩٧