ولى القضاء بمدينة السلام في حياة أبيه وبعد وفاته.
أخبرنا التّنوخيّ ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال : لما كان في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة خرج الراضي إلى الموصل وأخرج معه قاضي القضاة ، وأبا الحسين ـ يعني عمر بن محمّد بن يوسف ـ وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها ـ أبا نصر بن يوسف بن عمر لما علم أنه لا أحد بعد أبيه يجاريه ولا إنسان يساويه. فجلس في يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في جامع الرصافة ، وقرأ عهده بذلك وحكم ، فبين للناس من أمره ما بهر عقولهم ، ومضى في الحكم على سبيل معروفة له ولسلفيه ، وما زال أبو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وصلّى عليه ابنه أبو نصر ، ودفن إلى جنب أبي عمر محمّد بن يوسف في دار إلى جنب داره فلما كان في يوم الخميس لخمس بقين من شعبان خلع الراضي على أبي نصر يوسف بن عمر بن محمّد بن يوسف وقلده قضاء الحضرة بأسرها الجانب الشرقي والغربي المدينة والكرخ ، وقطعة من أعمال السواد ، وخلع عليه وعلى أخيه أبي محمّد الحسين بن عمر لقضاء أكثر السواد والبصرة وواسط. قال طلحة : وما زال أبو نصر منذ نشأ فتى نبيلا ، فطنا جميلا ، عفيفا ، متوسطا في علمه بالفقه ، حاذقا بصناعة القضاء ، بارعا في الأدب والكتابة ، حسن الفصاحة واسع العلم باللغة والشعر ، تام الهيبة. اقتدر على أمره بالنزاهة والتصون والعفة حتى وصفه الناس من ذلك بما لم يصفوا به أباه وجده مع حداثة سنه ، وقرب ميلاده من رئاسته ، ولا نعلم قاضيا تقلد هذا البلد أعرق في القضاء منه ، ومن أخيه الحسين ، لأنه يوسف بن عمر بن محمّد بن يوسف بن يعقوب وكل هؤلاء تقلدوا الحضرة غير يعقوب ، فإنه كان قاضيا على مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم تقلد فارس ومات بها. وما زال أبو نصر واليا على بغداد بأسرها إلى صفر من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، فإن الراضي صرفه عن مدينة المنصور بأخيه الحسين وأقره على الجانب الشرقي والكرخ ، ومات الراضي في هذه السنة.
__________________
٧٦٤٦ ـ انظر : نزهة الألباء ٣٧٦. والأعلام للزركلي ٨ / ٢٤٣