وهكذا يقال عن عاداتهم القديمة وهي كثيرة إلا ان اقتباسهم من العجم قليل بالرغم من المجاورة ، فلم تنل رغبة لما للعرب من شمم ومكارم أخلاق لا توجد عند اولئك ، أو لا تتألف وما اعتادوه .. كما أن العقائد كذلك. وإنما تسلطت الإسلامية ونفذت في اعماق قلوب القوم فغيرت من عوائدهم لما في عقائدها من سهولة وقوة وبساطة وأحكام .. ومحت الكثير مما كانوا عليه فكان لها أثرها في نفوس القوم .. ومن حين قبلت هذه القبائل بالعقيدة الإسلامية عادت متحضرة وسكنت المدن .. وقضي على الكثير من أحكامهم البدوية واعتياداتهم الشائعة آنئذ .. فتركوا ما كانوا عليه من عرف بما استطاعوا امتثالا لآية (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) ..
ولا يهمنا اثارة المندثر مما كانوا عليه وإنما بعض عوائدهم الباقية هي التي ستكون موضوع بحثنا عند الكلام على القبائل الحاضرة ، ومن ثم نكون قد جعلنا مواضيع اليوم ذات مساس مباشر بالماضي ودرجة نفوذه .. وحينئذ تخرج الأبحاث عما كانت عليه من حاجة الماضي للبحث فيها .. وصار موضوع اليوم العوائد الحاضرة مراعىّ فيها القديم وأثره في نفوس القوم.
وعلى كل حال جدت المباحث وتماسها بالأوضاع الحاضرة ، وتدقيقها تاريخيا من نواحي العلاقة والارتباط بالماضي القريب والبعيد .. كل هذا سننظر فيه في عشائرنا الحاضرة لتكون أقوى صلة وأشد علاقة .. وفي الكتب الأخرى ما يبرد غلة الماضي وما كان عليه العرب في أزمانهم الغابرة مما لم يبق لغالبه أثر الآن ...
ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن من أكبر الأبحاث علاقة واتصالا بنا المناسبات بين القبائل وحالاتهم في جوارهم وحربهم ، وكلأهم وحياة مواشيهم .. وكل هذه سندققها في حينها مع ملاحظة ما كانت عليه في ماضيها قدر الطاقة ..