على دور القائمين بأمر القبائل واصلاح شؤونها وملاحظة نواحي ادارتها ، وتربيتها ، ورفاه حالتها ، وخصوماتها ، وآدابها ، وتطوراتها وتقلباتها ... حيث انهم عملوا على تأسيس ثقافة سليمة ، وآداب نافعة ، وادارة صالحة ... مما يجب ان يراعيه الباحث الاجتماعي ، أو من يعنيه إصلاح هذه المجموعة الكبرى عن خلال التعرف إلى كافة شؤونها ، ووسائل اصلاحها ، وتنظيم جماعاتها ، والطرق التي أدت إلى رفع مستواها إلى آخر ما يتحتم الالتفات اليه باستطلاع الآراء من كل ناحية وصوب حتى تتكامل المعرفة ومن ثم يعرف ما يستقر حسن الادارة عليه ، وهناك تتأسس الحضارة ...
ومن المؤسف اننا لم يسبق لنا الاشتغال بسعة في هذه المباحث ، أو الافتكار بها وعرضها للنقد والتمحيص ، ولا استطلعنا الآراء في موضوعاتها ، او الالتفات اليه بعناية زائدة إلا من نفر قليل لا تتناسب مباحثهم وأهمية هذا الموضوع ... ومشارب الناس ، ومناحي آرائهم في تلقي موضوع العشائر مختلفة :
١) البدوي. يتطلع إلى ان يعرف مكانته من القبائل الاخرى ليعين القربى ودرجتها ، والعداء ومبلغه ... ويرغب في التقرب إلى من يمتّ اليه بصلة تبعا لمقتضيات الغزو وما ماثل ، أو لمن يصلح أن يكون له كفوا ، أو من هو أعلى منه باعتباره أصل نسبه إلى غير ذلك من الاعتبارات ، أو ركونه إلى ناحية الثأر وما يولد الخصام والانتقام ...
٢) الحضري. يحاول الانتساب والقربى المجردة لمعرفة قومه الذين تشعب منهم ، ولا يلتفت إلى ما ينظر إليه البدوي من تقوية تلك الأواصر.
٣) الأجنبي. وهو بعيد عن هذا كله لا يلتفت إلى ما كان يهم هذا أو ذاك ، وإنما يتطلع إلى ما نحو مراكز القوة والقدرة ، والعصبية ، والبيوت وعددها ، ومقدار البنادق ، وبيت الرياسة ليتفاهم معه ، ويحاول أن يتبصر بالموالي والمعادي.
اختلفت وجهات النظر ، وتباعدت نزعة البحث ، وزال التقارب ،