وما قاله بعض الكتاب من أنهم من الصليبيين فهذا من أبعد الأمور وأغربها ... فلا علاقة لهم بالصليبيين ولا باليونان ، أو الرومان ... فهم منقطعون عن الأمم الأخرى ولا نجد في لغتهم ما يؤيد فكرة الصليبيين. ومعرفتهم بالحيوانات الوحشية والنباتات للأدوية ما يمنع عدهم من الصليبيين ...
وإذا كانوا اقتبسوا بعض الألفاظ من أهل المدن مع أننا لا نرى منها شيئا بسبب المراجعة فهذا لا يدل على صلة سابقة أو قرابة بعيدة ... والصحيح أنهم أنفسهم لا يعرفون أصلهم فقد نسي بادئ بدء وأخفي عن الأولاد وعاشوا بمعزل عن العشائر ضاربين في البراري ... وكل فرع من فروعها ينتسب إلى قبيلة معروفة وهذا يؤول في أنهم تحت رعايتهم وحمايتهم في ترددهم إلى موطن ما.
وقد جاء ذكرهم في دائرة المعارف للبستاني في مادة (صليبية) ، وفي المقتطف في المجلد الثاني عشر وفي مجلة المشرق ج ١ ص ٦٧٥ وفيها بيان لبعض أوصافهم إلا أن الجميع لم يعينوا أصلهم بوجه الصحة وغاية ما ضربوا عليه وتر الصليب ووجود علاقة بينه وبينهم ولم يدعموا ذلك بأي دليل سوى مشابهة اللفظ وموافقة حروفه لا غير ...
والاستدلال بأنهم ليسوا من العرب باستنطاق ملامحهم وبعض خصائصهم البدنية ونحافة جسمهم مما لا يدعمه برهان ولا يؤيده أثر خارجي ... في حين أنني رأيت نظمهم بدوية لا تفترق عن عوائد البدو من شمر وعنزة وسائر عشائر الشامية ، ومن عوائدهم المخالفة ما يعين أنها ناشئة من عدم اتصالهم بالعشائر الأخرى إلا معاشرة طفيفة ومؤقتة. ومثل هؤلاء ما ينقل عن سكان جبل عكاد الذين لا يختلطون بقوم كما نقل العرب عنهم في بداية تدوين اللغة ونقل كلام العرب من نفس المتكلمين باللغة العربية.
وأما ما يقال من أن العرب يعتبرونهم غير عرب فهذا غير صحيح.