يعطوه ، ولم يكن من المحتم أن يبذلوا له ، فقد يمنعونه ويحرمونه ، إلا أن العطاء يدل على نبل وكرم في النفس ، والمنع يدل على لؤم وخسة في الطبع ... ولا يقع في الأغلب ، وقد تكون نفس من نهبت أمواله أبية لا ترضى أن يطلب العون والمساعدة من عدوّه ، وإذا كانت الغضاضة قوية وفيها قتل وإيلام فلا يعطى طالب العكلة والمنع نادر جدا ... والعكلة هي المال الذي يعطى للمنهوب منه ويسمى (حذية). والحذية أيضا ما يمنح به المختلف عن الغزو لسبب ، أو يكون الطالب فقيرا ، وفيه من الضعف ما لم يستطع به أن يقدر على الغزو ... فتكون له شرهه على اقاربه الغانمين.
وكل ما نقوله في العكلة أو الحذية أن البدوي كبير النفس ، نراه يعفو في أشد ساعات الحرج ، وفي النجاح وأوقات الربح يمنح ، ويعد عندهم العفو عند المقدرة من كريم الخصال ؛ ونرى القوم يفتخرون دائما بما عفوا به ، او منحوه لطالب العكلة ... وكأن طالب العكلة يريد ما يتقوت به كما أن العكلة واسطة نجاة الحياة ...
ملحوظة :
يقال للآبار ثبرة وجمعها (ثبار) في البادية وتسقى منها الابل ويقال لها (عكلة) أيضا. وغالب الحروب بين البدو على العكلة هذه ، وقد يتقاسمون الوقت بينهم ، بسبب تدخل العاذلين خصوصا إذا كانوا أقارب .. ولكل عكلة اسم خاص بها مثل (الحزل).
ومن آبارهم المعروفة : البريت ، والمجمي ، واللصف ، والمعنيّه ، والنصاب ، والحمّام ، والعاشورية ، واللعاعه ، والشبرم ، وواقصه ، والشبجه ، والصيكال ، والصميت ، والامكور وهي عكل كثيرة ...
وبين هذه الآبار المطوي ، والعكلة ... والوقائع عليها كثيرة لا تحصى ... للمؤرخين تدوينات في آبار العرب ...