وقوة الحكومة ، وأن لا يسأل غير القاتل ، وغير الناهب أو الغاصب وهكذا يجب أن يكون التضامن بين القبيلة مصروفا إلى المناصرة ، ومساعدة الضعيف ... وقد اعتاد القوم احكام الشرع في المواطن الأخرى من جزيرة العرب فيجب أن يراعى القانون في الكل فلا يفرق بين مدني وبدوي أو ريفي ... وفي هذا خطوة كبيرة لتقدمهم ، وقبولهم الحضارة ... وسلطة الحكومة تسوق الناس قسرا إلى الحق والعدل ...
والمهم من الاصلاح بصورة عاجلة في امر الخصومات أن توحد الدية ، وتمنع النهوة ، والوسكة ، والحشم مما يؤثر على الغير منها ، أو يؤدي إلى اتلاف الأموال في التطبير (التعقير) وأن يكتفي في قضايا الحشم بمراعاة طريق التحكيم ومراجعة العوارف على يد المحكمة وأن لا يتجاوز الجاني ، وأن تحدد القضايا في وقائع خاصة ...
هذا ولا يرى أثر للعقوبات الجزائية في العشائر كما هو معروف قديما في الجاهلية مثل (الصفد) ، و (الغل) ، و (التجريد) ، و (المد) ، و (السمل) وغير ذلك مما أبطله الإسلام ... فمن الأولى أن يزال أثر ما خالف الشرع ، وأن تحدد قضايا الفصل والتحكيم في الأمور العامة بين قبيلة وأخرى مما تستدعى الخوف من خطر ، وأن تودع القضايا للمحاكم وعلى كل نرى الأحكام ذات مساس كبير بالشريعة الإسلامية الغراء ، والمخالفات قليلة ويراعى في قسم منها العوائد ... وكلها تستدعي النظر وسنتعرض لما يرد الكلام عليه في القبائل الريفية وعلاقاتها بالأحكام الجاهلية وبالشرع الشريف ...
والمهم أن نقول هنا لم تؤثر الأمم المجاورة على تقاليد العرب تأثيرا كبيرا ولا أثرت الإسلامية إلا بعض التأثير ولكنه أكثر من تأثير المجاورين خصوصا في العبادات وبعض المعاملات وفي الأحوال الشخصية فإن تأثيرها مشهود ... ولكن هؤلاء لم يتمكن المسلمون من اجتثاث بعض عوائدهم المدخولة تماما ... وسبب ذلك أن الإسلام أجرى تأثيره على البدو فعادوا متحضرين ، وأن هؤلاء لم يتأثروا به بعد بحيث يتركون ما عندهم