مجال لأحد في مخالفة النصوص القاطعة ... ومن حين قبلوا هذا المبدأ ، وساروا بمقتضاه تحضروا ، ونزعوا الفكرة الجاهلية ، واستعاضوا عنها بالروحية الطيبة الصالحة ...
إن القانون العام فيه ما فيه من المحافظة على الوحدة ، ونزوع إلى التشريع العالمي ... ووحدة الأمة في ان تفكر في قانون واحد لا قوانين متعددة ، وحكم الأمة بقانون واحد مما أرشدت اليه التجارب بعد حين بمرارتها القاسية ذلك ما دعا إلى تيقن قيمة الشريعة الغراء ، راعت ذلك قبل ان تتنبه الأمم الكثيرة بل فاقتها بمراعاة إدارة الأمم بقانون واحد مما لا تزال إلى اليوم الحوائل والعوائق تعاكسه .. وكل الأمم في هذه الأيام سائرة إلى وحدة القوانين العالمية ، ومن ظواهرها قوانين العقوبات ، وبعض التشريع في قوانين التجارة وفي حقوق الدول الخاصة ، وتفاهم الأمم في نواحي تطبيق القوانين ...
ان تعدد قوانين الأمة ، واضطرابها عادة تدل على سخف في تلك الأمة ، ونقص كبير فيها لا يعوضه الا الرجوع إلى تلك الوحدة ... ولم نجد اليوم في امة متحضرة قوانين مقطعة الأوصال.
زال التعصب نوعا ، وهو سائر إلى الزوال في ناحية التشريع خاصة ، والآراء مصروفة إلى ما قام عليه البرهان الصحيح ، والسهولة والبساطة في القوانين ، وصرنا نتوقع ان يكون اساس التشريع قواعد عامة تمشي الأمم بمقتضاها. لا ما نراه من التوغل والتدخل حتى في حركات الأشخاص وسيرهم بحالة يكادون يكونون فيها تبعا لإدارة غيرهم وارادتهم بل اوامرهم العسكرية وايعازاتهم اليومية .. مما نشعر به في كل آن ...
والحاصل خزنوا ادمغتنا في مختلف الأيام بقوانين تافهة نحن اليوم في غنى عنها ، أو في حاجة عظمى إلى القضاء على الكثير منها ... وقد سمعنا التهديد الالهي ، والتحذير الشرعي في آية (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) وكأننا في غفلة فلا نزال نحمي العرف الخاص بين القبائل ، ونناصره ...