يسع هذا البيت أكثر من هؤلاء فإن تزوج أحد الأولاد كوّن بيتا جديدا.
وهذا البيت الجديد لا يستقل من كل وجه وإنما يحافظ البيت الأول على سلطته ومعونته لما تولد منه ، واحترام الناجم لمن درج منه وعوّل عليه في نموّه واستقلاله .. وهذه وإن كانت تفقد بعض الاستقلال في الانقياد والطاعة والتفادي .. كانت لأمر مهم هو الرغبة في ازدياد هذا الولاء وتقويته والتضامن لحفظ الكيان ، ومراعاة الحياة في صيانة بقاء النوع والنفس.
ذلك لأن هذا (البيت الجديد) تهدده الأخطار من كل صوب ، وتنتابه الآلام من نواح مختلفة ، يريد أن يعيش ، ويحس بضرورة إلى التكاتف مع الأصل إذ لا يسعه أن يميل إلى من هو أبعد منه وإنما يعتضد بمن هو أقرب إليه وأحق برعايته وموافقته على السراء والضراء في كافة مطالبه.
ومن ثم حصل التفاني في سبيل المنفعة والتكاتف بين هذين البيتين بحيث صار ما يصيب الواحد يتألم منه الآخر ويتضامنون جميعا لدفع الغوائل ويتهالكون في النضال ..
ولم تقف الأمور عند هذا الحد فكلما زاد أفراد البيت وتكاثروا كوّنوا بيوتا جديدة منهم على عين الشروط ، والبيوت المتفرعة منها ما يحافظ على اسم البيت الأول والباقون يستقلون باسمائهم ... إلا أن ما يهم الأول والثاني أعظم مما يهم الثالث والرابع بالتوالي في الاشتقاق والقرب والبعد ...
ومن هنا راعوا درجة هذا التكاتف وقوته بالنظر لقوة القرابة ودرجتها وهذا صار أساسا مهما في الارث الاسلامي. والتضامن في الغالب يكون لحد خمسة. بطون أو أظهر ـ كما نراه اليوم ـ فإن تجاوز الخمسة فلا يهم الواحد أمر الآخر وإنما المهم حينئذ ما يخص الكل ويتعلق بالجميع ... فيقل التكاتف على الأمور الشخصية ، والمالية الفردية. إلا أن يكون هناك خطر عام يهدد كيان الجميع ، أو قريبا من ذلك كأن يكون من نوع (من حلقت لحية جار له فليسكب الماء على لحيته) ، ومن البيت الأول نشأت