أموال القبيلة فهي محترمة ... ولكنها لدى قبائلنا المتاخمة للمدن أو المجاورة لها فالمسؤولية فيها من قبل المجاورين عامة وان المعتدى عليه يتوسق (يتوسك) من ظفر به. ويمثلون لهذه بان العشيرة (غابة) فلا يمكن الوصول إلى كل مواضعها ولذا يؤخذ من الأطراف أو الجوانب التي يتيسر الأخذ منها. وهذا يعد طريقا لاستيفاء الحق وواسطة للحصول عليه فليس عندهم الجناية شخصية أو فردية على حد ما ورد في القرآن الكريم (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).
وقد نهى الإسلام عن ذلك وأمر أن لا يسأل عن ذنب المرء غيره ويرد بقوله : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) لمن لا يرضى إلا أن يكون الحصول على الحق من الأمور الكيفية ، ويجعلها تابعة للقوة والتمكن من أخذ الحق ... ولكن القبائل ترى هذا لا من ناحية مخالفة النص الصريح ، وإنما هو تدبير لحراسة الحقوق المتقابلة ...
وإن مثل هذا إنما يراعى في المواطن التي لا حكومة فيها ذات سلطة فيستعين المرء بقوة قبيلته فيستوفي حقه ممن عثر عليه ، أو ظفر به من أقارب عدوّه. فكأن القوم في حرب. وفي هذا ضمان لم يجد أهل البادية بدا من الركون إليه ولا رأوا ضمانا له غير هذا ... أو بالتعبير الأصح لم يتمكنوا من اكتشاف طريقة أسلم من هذه فهي الطريقة المثلى عندهم بالنظر للتجارب التي مرت عليهم ، وقد رأوا كثيرا ما لهذه الطريقة من النفع والحصول على الحق أو صيانته بتأمين المطلوب.
وحينئذ تحسب هذه الأمور إذا أريد الصلح أو المسالمة. وقد تدعو هذه لحروب دموية. وإذا خلت من التجاوز وهو واقع قطعا كانت ضمانا وحراسة للحقوق.
رأينا بعض الرؤساء من يحرم الوسقة (الوسكة) من الأقارب ويراعي أحكام القرآن الكريم ولا يسأل سوى الجارم كما في آية (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وعلى هذا يقولون (كل شاة معلقة من كراعها).