أيا حرجات الحيّ حيث (١) |
|
تحمّلوا بذي سلم لاجادكنّ ربيع |
وخيماتك اللّاتي بمنعرج اللّوى |
|
بلين بلى لم تبلهنّ ربوع |
ندمت على ما كان منّي ندامة |
|
كما ندم المغبون حين يبيع (٢) |
قال ابن المرزبان : قال أبو عمرو الشيبانيّ : لما ظهر من المجنون ما ظهر ، ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا : يا هذا ، ترى ما بابنك ، فلو خرجت ، به إلى مكة فعاذ ببيت الله ، وزار قبر رسوله ، ودعا الله رجونا أن يعافى ، فخرج به أبوه حتى أتى مكّة ، فجعل يطوف به ويدعو له ، وهو يقول :
دعا المحرمون الله يستغفرونه |
|
بمكّة وهنا أن تحط ذنوبها (٣) |
فناديت أن يا ربّ أوّل سؤلتي (٤) |
|
لنفسي ليلى (٥) ثم أنت حسيبها |
فإن أعط ليلى في حياتي لا يتب |
|
إلى الله خلق توبة لا أتوبها (٦) |
حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام : يا ليلى ، فخرّ مغشيّا عليه ، واجتمع الناس حوله ، ونضحوا على وجهه الماء ، وأبوه يبكي ، فأفاق وهو يقول :
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى |
|
فهيّج أطراف (٧) الفؤاد وما يدري |
دعا باسم ليلى غيرها فكأنّما |
|
أطار بليلى طائرا كان في صدري (٨) |
ونقل ابن الأعرابيّ قال : لما شبّب المجنون بليلى وشهر بحبّها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها ، وتوعّدوه بالقتل ، وكان يأتي امرأة تتعرّف له خبرها ، فنهوا تلك المرأة ، وكان يأتي غفلات الحيّ في الليل ، فسار أبو ليلى
__________________
(١) في الديوان : ١٩٠ «حين».
(٢) الديوان ١٩٠ ، الأغاني ٢ / ٢٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦ ، ٧.
(٣) في الشعر والشعراء : «بمكة ليلا أن تمحّى ذنوبها».
(٤) في الشعر والشعراء «سالتي».
(٥) في طبعة القدسي ٦٦ «ليلى».
(٦) الديوان ٦٧ ، الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٥٩٣ ، والمثلث ٢ / ٤٢٤ ، ولسان العرب ٢٠ / ٣٧٠.
(٧) في الشعر والشعراء : «أحزان». وكذا في الأغاني.
(٨) الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٢ ، الأغاني ٢ / ٥٥.