في نفر من قومه ، فشكوا إلى مروان ما ينالهم من قيس بن الملوّح ، وسألوه الكتاب إلى عامله عليهم يمنعه عنهم ويتهدّده ، فإن لم ينته أهدر دمه ، فلما ورد الكتاب على عامل مروان ، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته ، فجمعهم وقرأ عليهم الكتاب ، وقال لقيس : اتّق الله في نفسك ، فانصرف وهو يقول :
ألا حجبت ليلى وآلى أميرها |
|
عليّ يمينا جاهدا لا أزورها |
وأوعدني فيها رجال أبوهم |
|
أبي وأبوها خشّنت (١) لي صدورها |
على غير شيء (٢) غير أنّي أحبّها |
|
وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها (٣) |
فلما يئس منها صار شبيها بالتّائه ، وأحبّ الخلوة وحديث النفس ، وجزعت هي أيضا لفراقه وضنيت (٤).
ويروى أنّ أبا المجنون قيّده ، فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب بنفسه ، فأطلقه ، فكان يدور في الفلاة عريانا.
وله :
كأنّ القلب ليلة قيل يغدى |
|
بليلى العامريّة أو يراح |
قطاة عزّها (٥) شرك فباتت |
|
تجاذبه وقد علق الجناح (٦) |
وقيل : إنّ ليلى زوّجت ، فجاء المجنون إلى زوجها فقال :
بربّك هل ضممت إليك ليلى |
|
قبيل الصّبح أو قبّلت فاها |
وهل رفّت عليك قرون ليلى (٧) |
فقال : اللهمّ إذ حلّفتني فنعم ، وكان بين يدي الزّوج نار يصطلي بها ،
__________________
(١) في طبعة القدسي ٦٧ «حشيت» ، والتصحيح عن الأغاني.
(٢) في الأغاني : «جرم».
(٣) في الأغاني ٢ / ٦٨ «وأنّ فؤادي رهنها وأسيرها».
(٤) القصة في : نشوار المحاضرة ٥ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، والأغاني ٢ / ٦٨ ، و ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، وذم الهوى لابن الجوزي ـ طبعة مصر ـ ص ٣٨٨ ، ومصارع العشاق للسراج ٢ / ٢٨٧.
(٥) في طبعة القدسي ٦٧ «غرها» ، والتصحيح من الأغاني. و «عزّها» : غلبها.
(٦) الأغاني ٢ / ٤٨.
(٧) الأغاني ٢ / ٢٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٢١٠ و ٢١١ و ٢١٣.