تعدّ الذّنوب وتترك الإحسان! قلت : لا والله ما نذكر إلّا ما نرى من الذنوب ، فقال : فإنّا نعترف لله بكلّ ذنب أذنبناه ، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصّتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفر الله لك؟ قال : نعم ، قال : فما يجعلك برجاء المغفرة أحق منّي فو الله ما ألي من الإصلاح أكثر ممّا تلي ، ولكن والله لا أخيّر بين أمرين ، بين الله وغيره إلّا اخترت الله على ما سواه ، وإنّي لعلى دين يقبل فيه العمل ، ويجزى فيه بالحسنات ، ويجزى فيه بالذنوب ، إلّا أن يعفو الله عنها ، وإنّي أحتسب كلّ حسنة عملتها بأضعافها من الأجر ، وألي أمورا عظاما من إقامة الصلاة ، والجهاد ، والحكم بما أنزل الله. قال : فعرفت أنّه قد خصمني لما ذكر ذلك. قال عروة : فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلّا صلّى عليه (١).
وعن أمّ بكر بنت المسور أنّ المسور كان يصوم الدهر ، وكان إذا قدم مكّة طاف لكلّ يوم غاب عنها سبعا ، وصلّى ركعتين (٢).
وقال الواقدي : ثنا عبد الله بن جعفر ، عن عمّته أمّ بكر بنت المسور ، عن أبيها ، أنّه وجد يوم القادسيّة إبريق ذهب عليه الياقوت والزّبرجد ، فلم يدر ما هو ، فلقيه فارسيّ فقال : آخذه بعشرة آلاف ، فعرف أنه شيء ، فبعث به إلى سعد بن أبي وقّاص ، فنفله إيّاه ، وقال : لا تبعه بعشرة آلاف ، فباعه له سعد بمائة ألف ، ودفعها إلى المسور ولم يخمّسها (٣).
وعن عطاء بن يزيد اللّيثي قال : لحق بابن الزبير بمكة ، فكان ابن الزبير لا يقطع أمرا دونه.
قال الواقديّ : وحدّثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه قال : لما دنا الحصين بن نمير أخرج المسور سلاحا قد حمله من المدينة ودروعا ، ففرّقها في موال له كهول فرس جلد ، فدعاني ، ثم قال لي : يا مولى
__________________
(١) تاريخ دمشق ١٦ / ٢٥٣ أ.
(٢) تاريخ دمشق ١٦ / ٢٥٣ ب.
(٣) تاريخ دمشق ١٦ / ٢٥٤ أ.