في الشهوات واللذات الزائلة ، فتقديره هو الحياة الشقيّة المظلمة.
والتقديران كلاهما من الله تعالى ، والشاب حر في اختيار أحد الطريقين والنتيجة التي تعود إليه ، بقضاء الله وقدره. كما أنّ له أن يرجع أثناء الطريق فيختار بنفسه تقديرا آخر ويغيّر مصيره ، وهذا أيضا يكون من تقدير الله عزوجل فإنه هو الذي خلقنا وخيّرنا وأقدرنا على الرجوع وفتح لنا باب التوبة.
وإليك مثالا ثالثا : المريض الذي يقع طريح الفراش أمامه تقديران :
١ ـ إما أن يرجع إلى الأطباء الخبراء ويعمل بالوصفة التي تعطى له ، فعندئذ يكون البرء والشفاء حليفه.
٢ ـ أو يهمل نفسه ولا يشاور الطبيب أو لا يتناول الدواء فاستمرار المرض والداء حليفه.
والتقديران كلاهما من الله تعالى والمريض حرّ في اختيار سلوك أي الطريقين شاء. وأنت إذا نظرت إلى الكون والمجتمع والحياة الإنسانية تقدر على تمييز عشرات من هذه السنن السائدة ، وتعرف أنها كلها من تقاديره سبحانه. والإنسان حرّ في اختيار واحد منها. ولأجل ذلك نرى أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يقول : «خمسة لا يستجاب لهم : أحدهم مرّ بحائط مائل وهو يقبل إليه ، ولم يسرع المشي حتى سقط عليه» (١).
والسر في عدم استجابة دعائه واضح ، لأن تقديره سبحانه وقضاءه على الإنسان الذي لا يقوم من تحت ذلك الجدار المائل هو الموت وبذلك تقف على مغزى ما روي عن علي أمير المؤمنين عند ما عدل من حائط مائل إلى حائط آخر ، فقيل له يا أمير المؤمنين : أتفرّ من قضاء الله؟ فقال (عليهالسلام) : أفرّ من قضاء الله إلى قدره عزوجل (٢) ، يعني أنّ ذلك باختياري فإن شئت بقيت في هذا القضاء وإن شئت مضيت إلى قدر آخر. فإن بقيت اقتل
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٥ ، باب القضاء والقدر ، ذيل الحديث ٣١ ، ص ١٠٥.
(٢) التّوحيد للصدوق ، ص ٣٦٩