بقول أهل النار ولا بقول إبليس. فإنّ أهل الجنة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا. وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ). ولم يقولوا بقول أهل النار فإن أهل النار قالوا : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا). وقال إبليس : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي). فقلت يا سيدي والله ما أقول الخ ....».
ومنه ما رواه العياشي في تفسيره من احتجاج الإمام (عليهالسلام) مع القدري في الشام عند ما بعث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجّه إليّ محمد بن علي بن الحسين ولا تهيّجه ولا تروّعه ، واقض له حوائجه. وقد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا ، فقال : ما لهذا إلّا محمد بن علي.
فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن علي إليه ، فأتاه صاحب المدينة بكتابه ، فقال له أبو جعفر (عليهالسلام) : إني شيخ كبير لا أقوى على الخروج وهذا جعفر ابني يقوم مقامي ، فوجّهه إليه ، فلما قدم على الأموي أزراه لصغره ، وكره أن يجمع بينه وبين القدري مخافة أن يغلبه ، وتسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري ، فلما كان من الغد اجتمع الناس بخصومتهما ، فقال الأموي لأبي عبد الله (عليهالسلام) : إنّه قد أعيانا أمر هذا القدري وإنما كتبت إليك لأجمع بينك وبينه ، فإنّه لم يدع عندنا أحدا إلّا خصمه. فقال : إنّ الله يكفيناه.
قال : فلما اجتمعوا قال القدري لأبي عبد الله (عليهالسلام) : سل عمّا شئت. فقال له : اقرأ ، سورة الحمد ، قال : فقرأها. وقال الأموي ـ وأنا معه ـ : ما في سورة الحمد غلبنا ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون. قال : فجعل القدري يقرأ سورة الحمد حتى بلغ قول الله تبارك وتعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فقال له جعفر : قف ، من تستعين؟ وما حاجتك إلى المئونة؟ إنّ الأمر إليك. فبهت الذي كفر ، والله لا يهدي القوم الظالمين (١)
__________________
(١) البحار ، ج ٥ ، كتاب العدل والمعاد ، الحديث ٩٨ ، ص ٥٥. والعياشي ، ج ١ ، ص ٢٣.