وقال إسحاق الموصليّ : لم أر الأصمعيّ يدّعي شيئا من العلم ، فيكون أحد أعلم به منه (١).
وقال الرّياشيّ : سمعت الأخفش يقول : ما رأينا أحدا أعلم بالشّعر من الأصمعي (٢).
وقال المبرّد : كان الأصمعيّ بحرا في اللّغة لا نعرف مثله فيها. وكان أبو زيد الأنصاريّ أكبر منه في النّحو (٣).
وقال الدّعلجيّ غلام أبي نواس : قيل لأبي نواس قد أشخص أبو عبيدة والأصمعيّ إلى الرشيد. فقال : أمّا أبو عبيدة فإنّهم إن مكّنوه من سفره قرأ عليهم أخبار الأوّلين والآخرين. وأمّا الأصمعيّ ، فبلبل يطربهم بنغماته (٤).
وقال أبو العيناء : قال الأصمعيّ : دخلت أنا وأبو عبيدة على الفضل بن الربيع ، فقال : يا أصمعيّ كم كتابك في الخيل؟
قلت : جلد.
فسأل أبو عبيدة عن ذلك ، فقال : خمسون جلدا.
فأمر بإحضار الكتابين ، وأحضر فرسا ، وقال لأبي عبيدة : اقرأ كتابك حرفا حرفا ، وضع يدك على موضع موضع.
فقال : لست ببيطار ، إنّما هذا شيء أخذته وسمعته من العرب.
فقمت فحسرت عن ذراعي وساقي ، «ثم وثبت» فأخذت بأذن (٥) الفرس ، ثم وضعت يدي على ناحيته ، فجعلت أقبض منه بشيء وأقول : هذا اسمه كذا ، وأنشد فيه ، حتّى بلغت حافزه.
فأمر لي بالفرس. فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته (٦).
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٦.
(٢) نزهة الألبّاء ٩٠.
(٣) نزهة الألبّاء ٩٠ ، تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٤ ، إنباه الرواة ٢٠٧٢ ، تهذيب الكمال ٢ / ٨٦٠.
(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٤ ، إنباه الرواة ٢ / ٢٠١ ، تهذيب الكمال ٢ / ٨٦٠.
(٥) في تاريخ بغداد «بأذني».
(٦) تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٥ ، الأنساب ١ / ٢٩٤ ، نزهة الألبّاء ٩٧ ، ٩٨ ، إنباه الرواة ٢ / ٢٠٢ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٧٢ ، تهذيب الكمال ٢ / ٨٦٠ ، بغية الوعاة ٢ / ١١٣ ، طبقات المفسّرين ١ / ٣٥٥.