صحّ سنده ـ غير ما يفهم من ظاهره ، وقد كان محتفّاً بقرائن سقطت عند النقل ، ولأجل ذلك توهّم البعض حرمة البكاء على الميّت استناداً على هذا الحديث ، غافلاً عن مرمى الحديث ومغزاه.
روت عمرة : أنّها سمعت عائشة ـ رض ـ وذكرت لها أنّ عبد الله بن عمر يقول : إنّ الميّت ليعذّب ببكاء الحي ، فقالت عائشة ـ رض ـ : أما إنّه لم يكذب ، ولكنّه أخطأ أو نسى إنّما مرّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على يهودية يبكي عليها أهلها ، فقال : إنّهم ليبكون عليها وأنّها لتعذَّب في قبرها. (١)
وعن عروة عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه ، فذكر ذلك لعائشة فقالت ـ وهي تعني ابن عمر ـ : إنّما مرّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على قبر يهودي فقال : إنّ صاحب هذا ليُعذَّب وأهله يبكون عليه ، ثمّ قرأت: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). (٢)
هذا فقه الحديث ومعناه ، ولا يشكّ في صحّة هذا المعنى مَن له إلمام ومعرفة بالكتاب والسنّة.
وهناك روايات أُخر تدلّ على أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نهى عمر عن منعه الباكيات لبكائهنّ على الميّت.
عن ابن عبّاس قال : لمّا ماتت زينب بنت رسول الله قال رسول الله : ألحقوها بسلفنا الخير عثمان بن مظعون ، فبكت النساء ، فجعل عمر يضربهنّ بسوطه ، فأخذ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يده وقال : مهلاً يا عمر ، دعهنّ يبكين ، وإيّاكنّ ونعيق الشيطان ـ إلى
__________________
(١) صحيح البخاري : ٢ / ٨٠ ، الباب ٣٢ من أبواب الجنائز ؛ اختلاف الحديث للشافعي : ٧ / ٢٦٦ ؛ الموطّأ : ١ / ٩٦ ، صحيح مسلم : ١ / ٣٤٤ ، سنن النسائي : ٤ / ١٧ ، سنن البيهقي : ٤ / ٧٢.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ٥٩ ، سنن النسائي : ٢ / ١٧.