والجواب : عما ذكر في امتناع اكتسابه بالرسم ما سبق من أنه إنما يتوقف على الاختصاص لا على العلم بالاختصاص وأنه وإن لم يستلزم إفادة معرفة الحقيقة ، لكنه (١) قد يفيدها ، وقد يستدل على امتناع اكتسابه بالرسم بوجهين.
أحدهما : أنه يتوقف على العلم بوجود اللازم وثبوته للمرسوم ، وهو أخص من مطلق الوجود ، فيدور.
وثانيهما : أن الرسم إنما يكون بالأعرف ولا أعرف من الوجود بحكم الاستقراء ، أو لأنه أعم الأشياء بحسب التحقق دون الصدق ، والأعم أعرف لكون شروطه ومعانداته أقل(٢).
والجواب : منع أكثر المقدمات على أنه لو ثبت كونه أعرف الأشياء لم يحتج إلى باقي المقدمات.
الوجه الثالث : أن الوجود المطلق جزء من وجودي لأن معناه الوجود مع الإضافة ، والعلم بوجودي بديهي ، بمعنى أنه لا يتوقف على كسب أصلا فيكون الوجود المطلق بديهيا ، لأن ما يتوقف عليه البديهي يكون بديهيا.
والجواب : أنه إن أريد أن تصور وجودي بالحقيقة بديهي فممنوع ، ولو سلم فلا نسلم أن المطلق جزء منه أو تصوره جزء من تصوره ، لما سيجيء من أن الوجود المطلق يقع على الوجودات وقوع لازم خارجي غير مقوم ، وليس العارض جزءا للمعروض ولا تصوره لتصوره. وإن أريد أن التصديق أي العلم بأني موجود ضروري فغير مفيد ، لأن كونه بديهيا لجميع الأجزاء غير مسلم ، وكون حكمه بديهيا ، غير مستلزم لتصور الطرفين بالحقيقة ، فضلا عن بداهته ، وظاهر تقرير الإمام بل صريحه أن المراد هو تصديق الإنسان بأنه موجود ، ثم
__________________
(١) في (ب) لكنها بدلا من «لكنه».
(٢) يقول صاحب المواقف : وأما تعريفه بالرسم ، فلوجهين ، أحدهما : أن الرسم لا يفيد معرفة كنه الحقيقة والنزاع فيه ، الثاني : أن الرسم يجب أن يكون بالأعراف ولا أعرف من الوجود بالاستقرار.
(المواقف ج ١ ص ٩١).