ليس في الخارج شيء هو اللون ، وآخر هو قابض البصر ، وآخر مركب منهما هو السواد ، ليلزم من قيام واحد من الثلاثة بآخر منها على ما مر من التفصيل ، قيام العرض بالعرض بل في الوجود أمر واحد ، وإنما التركب والتمايز بحسب العقل فقط ، فلا يلزمنه إلا كون الكلي أو الجنس موجودا في الذهن ، ولا استحالة فيه.
وأنا أتعجب منهم. كيف ادعوا أن جزء الموجود يجب أن يكون من أفراد اللاموجود ، الذي هو نقيض الموجود ، ويمتنع أن يكون من أفراد المعدوم ، الذي ليس عندهم نقيض الموجود بل أخص منه.
(قال : وإنما يلزم الجهل لو أخذت في الذهن على أنها صور لأمور متمايزة في الخارج).
اعترض الإمام على قولهم ، لا تمايز بين الأجناس والفصول في الأعيان ، بل في الأذهان ، بأن حكم العقل إن طابق الخارج عاد كلام مثبتي الحال ، وثبت المطلوب ، وإن لم يطابق كان جهلا ولا عبرة به.
فأجيب : بأن الكلام في تصور الأجناس والفصول ، ولا حكم فيه تعتبر مطابقته ولا مطابقته (١) ، وإنما يلزم الجهل لو حكم بأنها متمايزة في الخارج ، ولا تمايز ، فدفع بأن مراده : أن هذه التصورات بل الصور ، إن طابقت الخارج فذاك ، وإلا كان جهلا.
والجواب : أنه إن أريد بالمطابقة أن يكون في الخارج بإزاء كل صورة هوية على حدة. فلا نسلم لزوم الجهل على تقدير عدمها ، وإنما يلزم لو أخذت في الذهن على أنها صور لأمور متمايزة في الخارج ، وإن أريد بالمطابقة (٢) أن تكون بإزائها هوية يكون المتحقق بها في الخارج تلك الهوية ، والمتحقق من تلك الهوية في الذهن تلك الصور فلا نسلم أن المطابقة تستلزم
__________________
(١) سقط من (ب) ولا مطابقته.
(٢) في (أ) (بزيادة) لفظ (بالمطابقة).