ابراهيم يفرض أن ربه وخالقه كوكب رآه في الليل ، ثم رآه آفلا غائبا عن الأنظار فعلم أنه متغير ومتحول من مكانه والمتحول لا بدّ له من تحول فهو إذن يحتاج إلى غيره مسير بإرادته وأن شيئا كهذا غير قائم بنفسه لا يكون ربا بل هو مربوب ، والرب هو المحرك لهذه الكواكب والمنظم لحركاتها لافولها وشروقها وحركاته الاخرى يستنتج من كل ذلك أن لا بدّ للحدث من محدث ولا بدّ للنظام من منظم لا سيما إذا كان هذا النظام بالغا أسمى مراتب الدقة فيه من المعادلات والدساتير ما لا يحيط به البشر مهما تسامى في عالم التفكر إذن وجب أن يكون هناك خالق قدير عليم خلق هذا الكون بقدرته.
تمثيل ايقاظي :
فإذن ما أسهل كذلك أن تتيقن أن وجود الباري تعالى جل شأنه وعظم كبرياؤه ليس كوجود الدار عن البناء وكوجود الكتابة عن الكاتب الثابت المعين المستقل بذاته عن الكاتب بعد فراغه لكن كوجود الكلام عن المتكلم إن سكت بطل وجود الكلام بل كوجود ضوء الشمس في الجو المظلم الذات ما دامت الشمس طالعة فإن غابت الشمس بطل وجدان الضوء من الجو وهذا معنى قول أمير المؤمنين عليهالسلام في دعاء كميل بأسمائك التي ملأت أركان كل شيء.
سئل الإمام الصادق عليهالسلام من الله تعالى فقال للسائل يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال : بلى ، فقال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ، قال : بلى ، قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر أن يخلصك من ورطتك ، قال : بلى ، قال الصادق عليهالسلام : فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجى وعلى الإغاثة حين لا مغيث.
فلو لم تكن فكرة التوجه إلى الخالق متمركزة لدى الإنسان لما توجه إلى خالقه عند نزول كارثة من الكوارث حتى الحيوانات تتوجه إلى خالقها.