مِعْزَفَةٌ اذا قَرَأ ضَرَبَ بها فيَبْكِى ويُبْكِى قال أبو طالب ذهب أبو عاصم الى أن التَّغَنِّىَ بالقرآن مَدُّ الصوت فيه وتحسينُه وذهب سفيانُ الى الاستغناء أنه يستغنى به عن كل دواء والتَّغَنِّى يقال في الشِّعْر وفي المال فمن الشَعْر قولُ حَسَّانَ بن ثابت
تَغَنَّ بالشِّعْرِ إمَّا كُنْتَ قائِلَهُ |
|
انَّ الغِناءَ لهذا الشِّعْرِ مِضْمَارُ |
المِضْمَارُ ههنا مَثَلٌ لان المِضْمارَ للخيل إصلاحُها وتَعْريقُها ورياضَتُها حتى تَسْتَوِىَ فشَبَّه اصلاحَ الغِناءِ لِوَزْنِ الشعر بذلك وقال غيرُ حسان بن ثابت في التَّغَنِّى من المالِ
كَمْ مِنْ غَنِىٍّ رأيتُ الفَقْرَ أَدْرَكَهُ |
|
ومن فَقيرٍ تَغَنَّى بعدَ إقْلَالِ |
* صاحب العين* اللَّحْنُ ـ من الاصواتِ المَصُوغة الموضوعةِ والجمعُ ألْحانٌ ولُحُونٌ وَلَحَّنَ في قراءته ـ طَرَّبَ فيها بالْحانٍ وقال بعض المُتَفَلْسِفين المَهَرِةَ باللُّحُونِ وأُراه المَوْصِلِىَّ انه قال الايْقاعُ ـ حَرَكاتٌ مُتَساويةُ الأَدْوار لها عَوْداتٌ مُتَواليةٌ واللَّحْنُ صوتٌ يَنْتَقِلُ من نَغَمةٍ الى نَغَمَةٍ أشَدَّ أو أحَطَّ والطَّبَقةُ ـ حَدٌّ مُختارٌ للصوت ينبغى أن تُوضَع الالْحانُ فيما شاكلها من الاشْعار فمنها ما يُبْكِى ويُرَقِّقُ وهو لما كان من الشعر في الغَزَلِ والتشوّق الى الوطن والبكاء على الشَّباب والمَرَاثِى والزُّهْد ومنها ما يُطْرِب وهو لما كان في نَعْت الشَّرَاب وذكر النُّدَماء والمَجالس والصَّبُوح والدَّساكِرِ ومنها ما يُشَوِّقُ وتَرْتاحُ له النَّفْسُ مِثْلُ صِفَةِ الاشجار والزَّهْر والمُتَنَزَّهاتِ والصَّيْد ومنها ما يَسُرُّ ويُفَرّحُ ويَحُثُّ على الكرَم وهو لما كان في المَديح والفَخْر وصفةِ المُلْك ومنها ما يُشَجِّعُ وهو لما كان في الحَرْب وذِكْرِ الوقائع والغاراتِ والاسْرى وغير ذلك وهذا كله يُدْعَى غِناءً* قال أبو العباس* ويقال ان الغِنَاء انما سمى غِنَاءً لانه يَسْتَغْنِى به صاحبُه عن كثير من الاحاديث ويَفِرُّ اليه منها ويُؤْثَره عليها وفُرِقَ بينه وبين الغِنَى من المال بان هذا مقصود وذاك ممدود ونظير تسميتهم له غِنَاءً من جهة أنه يُغْنى عن كثير من الاحاديث تسميتُهم العَسَلَ السَّلْوَى قال الفارسى لانه يُسَلِّى عن غيره من الطعام مما يُعالَج بطَبْخِ ولَتٍّ وتركيبٍ وبذلك ردّ على أبى اسحق حين أنكر على خالد بن زُهَيْر تسميتَه العسلَ سَلْوَى في قوله
وقَاسَمَها باللهِ جَهْدًا لَانْتُمُ |
|
أَلذُّ من السَّلْوَى اذا ما نَشُورُها |