قال الاسنوي في (الطبقات) (١) : كان أنظر من رأيناه من أهل العلم ، ومن أجمعهم للعلوم وأحسنهم كلاماً في الأشياء الدقيقة وأجلهم على ذلك ، وكان في غاية الإنصاف والرجوع الى الحق في المباحث ولو على لسان آحاد الطلبة ، مواظباً على وظائف العبادات مراعياً لأرباب الفنون محافظاً على ترتيب الأيتام في وظائف آبائهم.
وقال شيخنا العراقي : طلب الحديث في سنة ٧٠٣ ثمّ انتصب للإقراء وتفقّه به جماعة من الأئمة ، وانتشر صيته وتواليفه ، ولم يخلف بعده مثله.
ومن ماجرياته : أنه بحث مع ابن الكناني فنقل عن الشيخ أبي إسحاق شيئاً في الاصول فلما رجع بعث إليه قاصداً يقول له : المسألة التي ذكرها ، ما هي في (اللمع)! فكتب إليه :
سمعتُ بإنكار ما قلته |
|
عن الشيخ إذ لم يكن في اللمعْ |
ونقلي لذلك من شرحه |
|
وخير خصال الفقيه الورع |
لو وقفتَ على شرح اللمع ما أنكرت النقل فانظر فيه فإنه كتاب مفيد.
فلما وقف ابن الكناني على الجواب تألّم تألماً كثيراً ، وكان أسنَّ من السبكي بكثير ، لكن تقدّم السبكي واشتهر ، واستمرّ هو على حالة واحدة.
ولذا كان ابن عدلان وابن الانصاري يمتعضان من السبكي لكونهما أسنّ منه وتقدّم عليهما (٢).
ترجمة المؤلّف بقلم ابن كثير الدمشقي المؤرّخ المفسّر
علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام ، الإمام
__________________
(١) طبقات الشافعية للاسنوي ص ٧٥ رقم ٦٦٦.
(٢) الدرر الكامنة في المائة الثامنة ٣ / ٦٣.