آخرهم حقيقة.
إذا عرفت ذلك ، فلا شكّ أنّ زمرة تدخل الجنّة بغير حساب ، وهم بالصفة المذكورة في الحديث ، وقد دخل فيهم عكاشة رضى الله عنه بدعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والظاهر أنّ كلّ من حصلت له الصفة المذكورة في الحديث استحقّ هذا الجزاء ، لكنّ دخولهم الجنّة متوقّف على شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا شفع أذن الله له بإدخالهم من الباب الأيمن ، كما هو ظاهر الحديث ، فإنّه جعل «كونهم لا حساب عليهم» وصفاً ثابتاً لهم.
ويحتمل أن ذلك الجزاء إنّما يستحقّونه بشرط الشفاعة وإن اشتملوا على الصفات المذكورة ، لكن لم يدلّ دليل على هذا.
وأعني بالحديث المذكور قوله تعالى : «أدخل الجنّة من لا حساب عليه».
وأمّا أنّ شخصاً لا يتّصف بالصفة المذكورة في الحديث ، ويكون ممّن يستحقّ الحساب ، فهل يشفع فيه حتّى يدخل الجنّة بغير حساب ، أو لا؟
لفظ الحديث لا يدلّ على ذلك بنفي ولا إثبات.
وظاهر قوله : «سبعون ألفاً» أنّهم لا يزيدون على ذلك ، وأنّهم كلّهم بالصفة المذكورة.
وهل من الامم السابقة من غير الأنبياء مَنْ يدخل الجنّة بغير حساب؟
لم يرد فيه شيء بنفي ولا إثبات.
وقال أبو طالب عقيل بن عطيّة رحمهالله : الظاهر أنّ فيهم من هو كذلك.
قلت : وعلى كلّ من التقادير المفروضة ، فالخصوصيّة ثابتة لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم في إدخال أوّل زمرة من امّته الجنّة بشفاعته ؛ فإنّ شفاعته المذكورة تكون في أوّل مقام الشفاعة قبل أن تجعل الشفاعة لغيره ، ويترتب عليها الإذن في إدخال الزمرة المذكورة ، وهي أوّل من يدخل الجنّة كما سيأتي.