بقي فرع لا بأس بذكره ، وهو أنه إذا دار أمر النجس من أول الأمر ، أي قبل أن يحكم بطهارته ، بين كونه من النجاسات الذاتيّة ، أو من النجاسات العرضية ، كما إذا كان هناك شعر علم نجاسته ، وتردد بين ان تكون ذاتية بان كان شعر خنزير ، أو عرضية لكونه ملاقيا مع البول ، فلا محالة يشك في طهارته إذا غسل ، فهل تستصحب نجاسته أو لا؟ اما بناء على جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية ، فيستصحب عدم كونه معنونا بعنوان النجس بالذات ككونه شعر خنزير ، فيدخل بذلك تحت مطلقات أدلة غسل المتنجس ، ومقتضاها طهارته بالغسل. وأما على القول بعدم جريانه ، فلا مانع من استصحاب بقاء النجاسة.
وإذا فرضنا شيئا حكم بطهارته ابتداء ، ثم علمنا بنجاسته ، ودار أمرها بين الذاتيّة والعرضية ، كما إذا شك في الصابون المجلوب من الخارج انه من شحم الميتة مثلا أو من الزيت ، فقاعدة الطهارة تقتضي طهارته ، فإذا لاقى النجس بعد ذلك يعلم بنجاسته ، وتتردد بين أن تكون ذاتية أو تكون عرضية ، فإذا غسلناه نشك في ارتفاعها ، لأنها على الأول باقية ، وعلى الثاني مرتفعة ، إلّا أن الظاهر فيه هو الحكم بالطهارة من غير حاجة إلى التمسك باستصحاب العدم الأزلي ، وذلك لأن مقتضى الطهارة الظاهرية الثابتة فيه قبل العلم بنجاسته ترتيب آثار الطهارة الواقعية عليه ، ومن آثارها أنه يطهر بالغسل أو بإصابة المطر ونحو ذلك إذا تنجس.
هذا كله في القسم الثاني من استصحاب الكلي. وليعلم ان تفصيل البعض في استصحاب الشخص بين الشك في المقتضي والشك في الرافع جار هنا ، لوجود الملاك ، فتمثيل الشيخ في المقام بالحيوان المردد بين الفيل والبق لا يناسب مسلكه ، لأنه من الشك في المقتضي الّذي لا يلتزم به.
القسم الثالث : من استصحاب الكلي وهو ما إذا علم بوجود الكلي في ضمن فرد متيقن الارتفاع ، واحتمل بقائه في ضمن فرد آخر احتمل وجوده معه أو