حدوثه مقارنا لانعدامه بحيث لم يتخلل بينهما فصل زماني فهل يجري فيه الاستصحاب مطلقا ، أو يفصل بين الصورتين ، أعني بينما إذا احتمل تقارن الفرد المعلوم تحققه مع الفرد الآخر المحتمل في الوجود وما إذا احتمل حدوثه حين انعدامه. وهو مختار الشيخ (١) زعما منه ان في الفرض الثاني قد علم انحصار المتيقن من وجود الكلي بما تيقن ارتفاعه ، فلا يحتمل كون الثابت في الآن اللاحق بقاء للمتيقن السابق ، لمكان العلم بانحصاره فيما هو زائل قطعا ، فلا معنى فيه للاستصحاب ، وهذا بخلاف الفرض الأول ، حيث لا علم فيه بالانحصار ، لأن اليقين بوجود الكلي وإن كان مسببا عن اليقين بوجود الفرد الخاصّ المتيقن ارتفاعه ، إلّا ان ذلك لا يستلزم العلم بانحصار وجود الكلي بما تحقق في ضمن ذاك الفرد ، بل لا ينافي احتمال وجوده في ضمن فردين ، فيشك في بقاء المتيقن السابق ، فيستصحب. أو لا يجري فيه الاستصحاب مطلقا وجوه؟
والصحيح هو الثالث ، وذلك لوضوح أن مورد الاستصحاب إنما هو الوجود أو العدم لا الماهية ، على ما هو ظاهر دليل المنع عن نقض اليقين بالشك ولزوم الجري على طبق اليقين السابق. كما انه لا ريب أيضا في ان الكلي وإن كان موجودا حقيقة ، ولذا أسند إليه الوجود بلا عناية ، كما يسند إلى الفرد ، إلّا انه ليس له وجود مستقل ، وإنما هو موجود بوجود أفراده ، ووجوده في كل فرد مغاير لوجوده في ضمن الفرد الآخر ، وإن كانت الأفراد واحدة بالنوع أو بالجنس ، ولذا لا يصح حمل بعض الأفراد على بعض وإن كانت مماثلة ، فلا يقال زيد عمر أو الفرس بقر ، فالمضاف متعدد وان كان المضاف إليه واحدا.
وعليه فاليقين بوجود الفرد إنما يستلزم العلم بتحقق الكلي بذاك الوجود الخاصّ ، فما تعلق به اليقين من وجود الكلي هو وجوده في ضمن الفرد المعلوم
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٤٠ (ط. جامعة المدرسين).