فالصحيح جريان استصحاب الكلي في هذا القسم ، غاية الأمر إذا كان له معارض يسقط بالمعارضة ، وإلّا ترتب عليه الأثر كما ذكرنا.
ثم انه قد يورد على الاستصحاب في أمثال هذه الموارد بأنه مبني على التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية. وذلك لأن عنوان أدلة الاستصحاب انما هو نقض اليقين بالشك ، فيختص بما إذا كان رفع اليد عن الحالة السابقة مصداقا لذاك العنوان ولا يعم غيره. وفي المقام يعلم بزوال الذات المتيقن تحققها أولا. وأما العنوان المتيقن ثبوته ثانيا ، فهو وان لم يكن متيقن الارتفاع ، إلّا أنه قابل الانطباق على المتيقن الأول وعلى غيره ، فان كان منطبقا عليه كان رفع اليد عنه من نقض اليقين باليقين لا بالشك ، لأن ارتفاعه كان معلوما على الفرض ، وإن كان منطبقا على فرد آخر غيره فرفع اليد عنه من نقض اليقين بالشك ، حيث لم يحرز الثاني ، فالتمسك بأدلة الاستصحاب يكون من قبيل التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وهو فاسد كما بين في محله.
والجواب عنه ان العنوان الّذي تعلق به اليقين أعني وجود المتكلم في المثال إنما يحتمل انطباقه على ذات المتيقن الأول ، أي الّذي علم زواله ، لا بما أنه متيقن ليكون اليقين بالعنوان منتقضا باليقين بارتفاع الذات. كما ان المستصحب ليس بقاء نفس الذات كوجود زيد في المثال ، بل بما أنه متكلم ، وارتفاع المتيقن بهذا العنوان مشكوك بالوجدان ، فكيف يكون جريان الاستصحاب فيه من التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، بل تستحيل الشبهة المصداقية في الصفات النفسانيّة بأن لا يدري الإنسان أنه شاك في شيء أو عالم به. ومن هنا قلنا لا يتحقق لأدلة الأصول العملية شبهة مصداقية أصلا. فأركان الاستصحاب فيما نحن فيه تامة ، وهي اليقين بوجود المتكلم في الدار ، والشك في بقائه ، فيجري فيه الاستصحاب. غايته قد يسقط بالمعارضة كما بيناه. فأقسام استصحاب الكلي أربعة.