ما أخذ الزمان ظرفا في المخصص وفي العام ، بين ما إذا كان التخصيص وخروج الفرد عن العام من الأول ، وما إذا كان التخصيص في الأثناء بعد كون الفرد مشمولا للعام ابتداء ، ففي الأول لا بد من الرجوع إلى العام ، وفي الثاني يستصحب حكم المخصص.
مثال الأول مورد خيار المجلس ، فان العقد الّذي ثبت فيه خيار المجلس يكون خارجا عن عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) من أول الأمر ، فإذا فرض الشك في فوريته وبقائه لا يمكن استصحاب الخيار ، بل لا بد من الرجوع إلى العموم. مثال الثاني خيار الغبن ، فان مورد ثبوته خارج عن عموم دليل الوفاء بالعقد في الأثناء ، فإذا شك في فوريته استصحب بقائه.
والوجه في هذا التفصيل هو ان استصحاب حكم المخصص في الفرض الثاني لا يستلزم التخصيص الأفرادي في العام ، فلا مانع منه بعد كون مفاد العام حكما واحدا مستمرا قد انقطع ، وعوده يحتاج إلى دليل. بخلاف الفرض الأول ، فان المفروض فيه ان الفرد لم يكن مشمولا للعام ابتداء ، فإذا جرى فيه الاستصحاب خرج عنه استدامة ، ولازمه خروجه عن العموم رأسا ، وهذا معنى التخصيص الأفرادي.
ونقول : ما أفاده في الأقسام الأربعة كلها صحيح ، بناء على مسلكه من جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية.
ولكن ما ذكره من التفصيل في القسم الرابع لا يتم بإطلاقه ، فانه انما يتم في ما إذا كان هناك دليلان ، أحدهما : دال على أصل الحكم ، والثاني : على استمراره ، فان التفصيل حينئذ يكون على القاعدة ، لأن المخصص لو كان دالا على خروج الفرد عن العام من أول الأمر ، واستصحبنا بقاء الحكم الخاصّ لزم منه تخصيص كلا الدليلين ، بخلاف ما إذا كان التخصيص في الأثناء ، فانه لا يلزم إلّا