مسندا حقيقة إلى محل الجزء أو الشرط وأسند مسامحة إلى نفسه ، واما في اللفظ بالإضمار والتقدير. ومن الظاهر عدم إمكان إعمال العناية وعدمه في استعمال واحد ، أي الجمع بين إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معا في استعمال واحد ، فلا بد وأن تكونا قاعدتين ، ويدل على كل منها دليل مستقل.
والجواب عنه يظهر مما ذكرناه من رجوع الشك في صحة المركب إلى الشك في وجود الجزء أو الشرط ، وهو مهم المكلف الّذي يحصل به الامتثال. فانه عليه دائما يكون الشك في الوجود ، ويكون التجاوز باعتبار محله ، وإطلاقه بعناية ومسامحة في الجميع.
الوجه الثالث : مما استدل به على تعدد القاعدتين ما ذكره الميرزا قدسسره من أنهما إن كانتا قاعدتين لا يلزم محذور. وإن كانتا قاعدة واحدة لزم التدافع بين دليل قاعدة الفراغ ، وذلك لأن دليل الفراغ كقوله عليهالسلام «كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فأمضه» (١) بمنطوقه يدل على عدم الاعتناء بالشك إذا كان بعد الفراغ ، وبمفهومه يدل على الاعتناء به إذا كان قبل المضي والفراغ ، فالشك في إتيان الجزء بعد التجاوز في الأثناء يكون موردا للمفهوم ، فبناء على كونهما قاعدتين يكون دليل التجاوز واردا في مورد المفهوم ، فيقدم عليه بالحكومة أو التخصيص ، فلا تدافع. وأما إذا كانتا قاعدة واحدة ، فالشك في الجزء أو الشرط في الأثناء يكون داخلا تحت المنطوق والمفهوم باعتبارين ، فمن حيث شمول الرواية للمركب يكون الشك في الجزء قبل المضي ، فلا بد من الاعتناء به بمقتضى المفهوم ، ومن حيث شمولها للشك في الجزء بعد تجاوز محله لا بد من إلغائه وعدم الاعتناء به ، فيلزم التدافع ، فلا بد وأن تكونا قاعدتين لأن لا يلزم هذا المحذور.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ٤٢ من أبواب الوضوء ، ح ٦.