غايته في باب الصلاة ثبت بالإجماع والضرورة ولقوله عليهالسلام فانها «لا تدع الصلاة بحال» (١) عدم سقوطها بسقوط بعض ما يعتبر فيها ، وحينئذ ان تعذر بعض ما اعتبر فيها معينا وجب بالأمر الثانوي الإتيان بالباقي.
وأما إذا تردد المتعذر بين جزءين ، أو شرطين ، أو جزء وشرط ، فالأمر الأولي قد سقط يقينا. كما نعلم بتعلق أمر ثانوي بأحد أمرين من الفاقد للجزء أو الشرط مثلا ، فالمجعول الثانوي يكون مجهولا ، لا أنه يكون هناك أمران ثانويان يعجز المكلف من امتثالهما ليكون من باب التزاحم.
ومن الظاهر ان في تعيين مجعول المولى لا بد من الرجوع إلى الأدلة ، كما في المتعارضين ، وعليه فلا بد من الرجوع إلى دليلي الجزءين أو الشرطين ، فإن كان لأحدهما إطلاق دون الآخر ، واحتمل اختصاص جزئيته أو شرطيته بحال دون حال ، كما في الطمأنينة والقيام ، مثلا إذا دار الأمر بين ان يصلي قائما وماشيا أو عن جلوس مطمئنا ، فإن دليل الطمأنينة لبي يحتمل اختصاص اعتبارها بما إذا لم يستلزم منها فوات شرط أو جزء آخر ، بخلاف القيام ، فيتقدم عليها لا محالة. وان كان كلا الدليلين لبيا ، وصلت النوبة إلى الرجوع إلى الأصول العملية ، وبما ان وجوب الجامع ، أي أحد الأمرين ، محرز والشك في تعين إحدى الخصوصيّتين ، فالأصل عدم تعين كل منهما ، فيثبت التخيير.
وإن كان دليل كليهما لفظيا فلا محالة تقع بينهما المعارضة بالعموم من وجه ، حيث يكون أحد الحكمين مجعولا قطعا ، فإن كان شمول أحد الدليلين بالإطلاق والآخر بالعموم ، قدم العام على المطلق ، على ما سنبينه من تقدم العموم على الإطلاق. وان كان في كليهما بالإطلاق ، سقطا معا ، ويرجع إلى الأصل العملي ، وهو البراءة عن تعين كلتا الخصوصيّتين ، على ما عرفت وتعرف أيضا من ان
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ باب ١ من أبواب الاستحاضة ، ح ٥.