وهذا الإيراد لا دافع له ، ولأجله يسقط هذا الاحتمال ، أعني دلالتها على الحكم الواقعي والظاهري والاستصحاب معا.
وبهذا ظهر الجواب عن الاحتمال السادس وهو ان يراد منها الحكم الواقعي وقاعدة الطهارة والحل ، فان «كل شيء» إنما يعم المردد بما هو شيء ، لا بما أنه مجهول ، فكيف يمكن استفادة الحكم الظاهري منه.
وأما الاحتمال الخامس وهو ما اختاره في الكفاية (١) بعد عدوله عما ذكره في حاشية الرسائل ، لما ذكرناه ، أو لوجه آخر من دلالة الروايات على الحكم الواقعي والاستصحاب ، بزعم دلالة صدرها على الحكم الواقعي ، وذيلها على استمراره ما لم يعلم بخلافه. وأيده بقوله عليهالسلام في ذيل بعضها «فإذا علمت أنه قذر فقد قذر» فانه تصريح بما كان يستفاد من مفهوم الغاية ، أعني ارتفاع الحالة السابقة المتيقنة بالعلم بالخلاف دون غيره.
ففيه : ان القيد المذكور في الكلام لا بد وأن يرجع إلى الموضوع ، كما في قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٢) فان اليد تطلق على ما دون المنكب ، فقيدت في الآية الشريفة بخصوص المرفق ، فمفادها وجوب غسل اليد إلى المرافق ، أو يرجع إلى الحكم ، كما في قوله تعالى (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) بناء على كون الليل قيدا لوجوب الإتمام لا الصيام.
وفيما نحن فيه ان رجع القيد وهي الغاية أعني (حتى تعلم) إلى الموضوع كان المعنى كل شيء مجهول النجاسة طاهر ، وكل شيء مشكوك الحرمة حلال ، فتنطبق على القاعدتين ، أعني الحكم الظاهري فقط. وان رجع إلى الحكم فالمعنى كل شيء محكوم بالطهارة في ظرف الجهل بالنجاسة ، ومحكوم بالحلية في ظرف الشك في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٠٠.
(٢) المائدة : ٦.