الحرمة ، وهذا أيضا حكم ظاهري ، لأنّ رجوع القيد إلى الحكم بالملازمة دال على تقييد الموضوع ، فأين الحكم الواقعي والاستصحاب.
نعم لو جعلت الغاية غاية للاستمرار لتم ما ذكره ، لأن المعنى حينئذ كل شيء حلال واقعا وطاهر كذلك ، وهذه الحلية أو الطهارة مستمرة ما لم يعلم بالخلاف. ولكنه خلاف الظاهر ، لأن القيد ظاهره الرجوع إلى ما ذكر في الكلام ، لا الرجوع إلى ما لم يذكر فيه كالاستمرار في المقام.
وبهذا ظهر الجواب عن الاحتمال الرابع وهو ما احتمله في الفصول من استفادة القاعدة والاستصحاب منها ، بزعم ان مفادها ثبوت الحلية لما شك في حرمته ، والطهارة لما شك في نجاسته مستمرا ما لم يعلم الحرمة أو النجاسة ، وذلك لأن جعل الحكم المستمر باستمرار موضوعه أجنبي عن الاستصحاب ، وإنما الاستصحاب هو الحكم بالاستمرار.
وأمّا الاحتمال الثالث ، وهو ما احتمله الشيخ (١) في خصوص قوله عليهالسلام «الماء كله طاهر حتى تعلم أنه نجس» من كون مفاده الاستصحاب فقط ، بدعوى : ان الماء طاهر بطبعه ، فطهارته مفروضة الوجود ، فحكم باستمرارها في ظرف الشك ما لم يعلم بارتفاعها.
ففيه : أنه ليس في الرواية قرينة على ان العناية في الحكم بطهارة الماء في فرض الجهل بنجاسته هي لحاظ الحالة السابقة ، وهذه الجهة معتبرة في الاستصحاب ، بل الظاهر ان العناية في الحكم بالطهارة عند الشك إنما هي نفس الشك في الطهارة ، وهذه هي قاعدة الطهارة ، غايته في خصوص الماء لا مطلقا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٧٤ (ط. جامعة المدرسين).