للملاك وعدم ثبوته واقعا ، فيحتمل بقاء الحكم الشرعي ، فإذا كانت الخصوصية الزائلة من الحالات عرفا جرى الاستصحاب. فلا فرق بين الحكم الشرعي المستكشف من حكم العقل والمستكشف من دليل شرعي.
وفيه : أن الشيخ ان أراد من الحكم العقلي إدراك ملاكات الأحكام لتم ما أورد عليه من إمكان كون حكمه بثبوت الملاك في مورد من باب القدر المتيقن ، إلّا ان الظاهر عدم كونه مرادا له ، إذ ليس مثل هذا الحكم العقلي إلّا مجرد فرض ، لا واقع له ولا تحقق في الخارج ، فانه ليس للعقل طريق يحرز به الملاك الملزم أعني المصلحة غير المزاحمة أو المفسدة كذلك ، فلا بد وان يراد بالحكم العقلي حكمه بالحسن أو القبح ، الّذي هو محل الخلاف بين الأشاعرة وغيرهم ، حيث أنكرت الأشاعرة استقلال العقل بحسن جملة من الأفعال وقبح بعضها ، وذهبت العدلية والمعتزلة إلى إثبات استقلاله بذلك ، فيستقل باستحالة صدور بعض الأفعال من الباري لقبحه ، ولزوم صدور بعضها الآخر لحسنه ، كما يستقل بحسن بعض الأفعال لكونه مصداقا للعدل ، ويستقل بقبح بعضها لكونه مصداقا للظلم ، ولا نعني من الحسن العقلي إلّا إدراك العقل استحقاق فاعله للمدح والثناء ، ومن القبح العقلي غير إدراكه استحقاق الفاعل للذم واللوم ، ولا واقع لهما سوى هذا الإدراك.
وعليه فلا معنى للإهمال في حكم العقل حتى من ناحية الموضوع. وذلك لأنه ان أدرك استحقاق المدح أو اللوم في مورد فحكمه بالحسن أو القبح ثابت قطعا ، وإلّا فهو منتف قطعا ، لما عرفت من انه لا واقع له سوى الإدراك ، فلا معنى فيه للشك والترديد إلّا لشبهة موضوعية ، أي من جهة الشك في ان المضروب مثلا كان ممن يستحق الضرب ليكون ضربه حسنا ، أو ممن لا يستحقه ليكون ظلما قبيحا ، وهذا خارج عن مورد البحث ، أعني استصحاب الحكم الكلي.