جاهلا بموضوع حكمه ، بأن يكون مهملا عنده ، بل لا بد من كونه مبينا عنده من جميع الجهات التي يتوجه إليها ، فعلى هذا كلما يأخذه في موضوع حكمه لا بد وأن يكون مقوما له ، وإلّا لم يكن وجه لأخذه.
الثانية : ان الخصوصيات التي يأخذها العقل في موضوع حكمه ان كانت على حالها فالحكم باق قطعا ، وإلّا فالحكم زائل قطعا ، بحيث لو ثبت الحكم مع زوال شيء منها كان حكما حادثا ، لا بقاء الحكم الأول ، فالحكم الشرعي المستفاد منه كذلك ، فانه تابع له بتبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية ، فكما تسقط عند سقوطها كذلك الحكم الشرعي المستكشف بحكم العقل يزول بزواله ، فلا يبقى حكم يشك في بقائه ليجري فيه الاستصحاب.
وأورد المحقق النائيني على المقدمة الأولى بما حاصله (١) : ان حكم العقل قد يكون من قبيل القضية الشرطية مشتملة على انتفاء الحكم عند انتفاء بعض الخصوصيات ، فلا يشك فيه في البقاء. وقد يكون من باب الحكم على القدر المتيقن ، فيستقل بثبوت الملاك في واجد الخصوصيات من باب انه القدر المتيقن ، لا لأن الفاقد لبعضها فاقد الملاك ، فبضم هذه الصغرى إلى الكبرى المسلمة عند العدلية من تبعية الأحكام الشرعية للملاكات الثابتة في متعلقاتها يثبت الحكم الشرعي.
وبعبارة أخرى الإهمال من حيث إدراك العقل وان كان ممتنعا بحيث يشك العقل في أنه يدرك أو لا يدرك ، إلّا أن الإهمال من حيث الموضوع أمر ممكن ، فيشك عند انتفاء بعض الخصوصيات في اشتمال الفاقد على المصلحة وعدمه ، فيشك لا محالة في بقاء الحكم الشرعي المستكشف به ، إذ لا ملازمة بين عدم إدراك العقل
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٣٥٢.