وبالجملة ما اختاره في هذا القسم من الخلط بين مقام الجعل ومقام المجعول ، فان محل الكلام مجعولية الثاني دون الأول ، ومن الواضح ان شرطية شيء للحكم أو مانعيته عنه مرجعها إلى أخذ أمر وجودي أو عدمي في موضوع الحكم ، فان كل ما يؤخذ شرطا فيه ولو كان ذلك بنحو الجملة الشرطية فهو قيد للموضوع ، مثلا قول المولى : إذا زالت الشمس فصلّ مرجعه إلى الحكم بوجوب الصلاة عند الدلوك. كما ان القيود المأخوذة في الموضوع في الحقيقة شرط للحكم ، وهذا معنى ما ذكروه من ان القضايا الحملية الحقيقية خبرية كانت أو إنشائية ترجع إلى قضايا شرطية مقدمها تحقق الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له ، فمعنى قولك المستطيع يجب عليه الحج انه إذا وجد في الخارج مكلف وكان مستطيعا فليحج ، فالشرطية منتزعة من تقييد موضوع الحكم بأمر وجودي كالمكلف بالاستطاعة في المثال ، والمانعية منتزعة من تقييد الموضوع بأمر عدمي كتقييد المكلف في إيجاب الصلاة بالخلو عن الحيض ، بداهة انه إذا كان الموضوع مطلقا ولم يقيد لم تكن الاستطاعة شرطا في الأول ولا الحيض مانعا في الثاني ، ولم يكن مجال لانتزاع الشرطية ولا المانعية. وهكذا الحال في السببية فانها تنتزع من تقييد الموضوع في الحكم الوضعي بأمر وجودي. فما ذكره قدسسره في هذا القسم غير تام ، ناش من الخلط بين المرحلتين. كما ان ما ذكره من إنكار الشرط المتأخر مدعيا ان الشرط دائما هو اللحاظ ناشئ من ذلك.
وبما بيناه ظهر الحال في القسم الثاني ، أعني القيود المعتبرة في المأمور به شرطا أو جزء أو مانعا ، فان شرطية شيء له منتزعة من تقييد المولى متعلق أمره بأمر وجودي. كما ان جزئيته له منتزعة من أخذه جزء وإيقاع الأمر على ما هو المركب منه ومن غيره. ومانعيته منتزعة من تقييده بأمر عدمي. مثلا لو لم يقيد المولى ما تعلق به أمره من الصلاة بكونها إلى القبلة لم يكن ينتزع شرطيتها لها ، كما لم