يعتبرها في النوافل على ما فسر بذلك قوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فلم تكن شرطا فيها. كما انها إذا كانت مطلقة من حيث وقوعها في غير المأكول لم يكن ينتزع مانعيته عنها. وكذا الحال في الجزئية. فكلها مجعولة بالتبع ، غايته ينتزع شرطية شيء ومانعيته للحكم عن تقييد الموضوع ، وللمأمور به عن تقييد متعلق الحكم ، وهذا ظاهر.
وأمّا ما أفاده في القسم الثالث فهو متين جدا ، فان ما ذهب إليه شيخنا الأنصاري (١) من كون الملكية والزوجية ونظائرها من الأحكام الوضعيّة منتزعة من أحكام تكليفية ثابتة في مواردها ، كجواز تصرف المالك ، وعدم جواز تصرف غيره إلّا بإذنه في الملكية ، وجواز النّظر والوطء في الزوجة وإن كان ممكنا ثبوتا ، كما انها قابلة للجعل وتعلّق الاعتبار بها مستقلا ففي مرحلة الثبوت كلا الأمرين ممكن.
إلّا انه إثباتا خلاف ظاهر الأدلة ، لترتبها على الملك في لسان الأدلة. ففي قوله عليهالسلام «الناس مسلطون على أموالهم» (٢) جعل السلطنة من آثار المال المضاف وفرض الملكية ثم حكم بجواز التصرف فيما هو ملك. وفي قوله عليهالسلام «لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلّا بإذنه» رتب المنع على ما فرض ملك الغير ، وكذا الحال في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب من نفسه» (٣) فهو أيضا أثر مترتب على الملك ، فكيف يمكن انتزاعه منه ، وهكذا الزوجية وآثارها. والظاهر ان الذوق العرفي أيضا يساعد جعلها استقلالا.
هذا مضافا إلى أنه وقوعا لم نعرف أثرا تكليفيا ملازما مع الحكم الوضعي
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٠١ ـ ٦٠٣.
(٢) عوالي اللئالي : ١ ـ ٢٢٢.
(٣) عوالي اللئالي : ١ ـ ٢٢٢.