في موارد ثبوته ، بل أي أثر يفرض منشأ لانتزاعه يكون بينهما العموم من وجه ، مثلا جواز التصرف والملكية قد يجتمعان. وقد يفترقان ، فيجوز التصرف ولا ملك كما في موارد حق المارة ، ويثبت الملك ولا ينفذ التصرف كما في المحجور عليه والسفيه والمجنون ، بل قد يحرم تكليفا أيضا ، كالتصرف في متعلق حق الغير كالمرهون. وهكذا عدم جواز التصرف في مال الغير بدون اذنه قد يجتمع مع الملكية للغير. وقد يفترقان ، كالتصرف في مال الغير عند المخمصة ، وعدم جواز تصرف الإنسان في مال نفسه لبعض الموانع. وكذا الحال في الزوجية ، فان بينها وبين جواز الوطء أو النّظر إلى العورة عموم من وجه كما هو ظاهر.
بل يرد على الشيخ جدلا ان لازم انتزاعية هذه الأحكام عدم إمكان التمسك بالاستصحاب لإثبات الأحكام التكليفية المترتبة على الحكم الوضعي فيما إذا لم تكن لها حالة سابقة وشك في ثبوتها ، كما إذا كان لأحد زوجة صغيرة ، ثم شك بعد بلوغها في انه طلقها أم لا ، فانه بناء على القول بجعل الزوجية مستقلا جرى فيها الاستصحاب ، لتمامية أركانه ، وترتب عليها جميع الأحكام التكليفية الثابتة قبل البلوغ ، كوجوب الإنفاق عليها ، والتي لم تثبت في تلك الحال كجواز الوطء. وأما على القول بانتزاعيتها ، فهي ليست حكما قابلا للاستصحاب ، إذ المجعول الثابت في الحقيقة لم يكن إلّا الحكم التكليفي الّذي كان منشأ لانتزاعها ، وهو بنفسه مورد الاستصحاب ، وأما الحكم التكليفي الّذي لم يكن ثابتا قبل البلوغ فالشك فيه شك في الحدوث ، فلا يجري فيه الاستصحاب إلّا تعليقيا. وكذا الحال في الملكية الثابتة للصبي بالقياس إلى جواز تصرفه بعد البلوغ فيما إذا شك في بيع الولي لماله قبل البلوغ.
وقد تحصل ان الشرطية للتكليف والمانعية والسببية مجعولة تبعا كالشرطية والمانعية للمأمور به ، والملكية ونحوها مجعولة استقلالا.