فإنّ ماهيّة الإنسان نسبتها مساوية إلى الوجود والعدم ، ولكن للاصوليّين بحث في زمان معدوميّة ماهيّة الإنسان ويقولون : بأنّ الوجود الطبيعي يكون بوجود فرد من أفراده ، وعدمه يكون بعدم جميع أفراده.
ولا يخفى أنّ لنا هاهنا كلاما بأنّ الطبيعي موجود ومعدوم في آن واحد ، وأنّه معروض للوجود والعدم في زمان واحد ، والمحال أن يكون فرد منه معروضا لكليهما في آن واحد. وسيأتي إن شاء الله في مباحث النواهي بتمامه.
وعلى هذا المبنى فكما أنّ ماهيّة الإنسان تكون موجودة فعلا بلحاظ أفراده الموجودة ، كذلك تكون فعلا معدومة بلحاظ الأفراد التي توجد بعد ذلك ، ويجوز أيضا فرض أنّ ماهيّة الإنسان كانت معدومة قبل الخلقة ثمّ صارت موجودة ، مع أنّه لا نشكّ في بطلان هذا التعبير في الأعلام الشخصيّة إذا كان الموضوع له فيها وجودا خارجيّا وملحوظا بالعرض ، فإنّ للوجود الخارجي دخل في معنى «زيد» ومقيّد به ولا يتصوّر المعدوميّة للهيكل المقيّد بالوجود الخارجي ، ولذا لا يصحّ القول بأنّ «زيدا» كان معدوما ثمّ صار موجودا ، وهذا دليل على أنّ الموضوع له فيها لا يكون الموجود الخارجي.
ويمكن أن يقال للتخلّص عن الإشكالات بأنّ الأعلام الشخصيّة داخلة تحت عنوان الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، ولكنّ المعنى الخاصّ لا يكون مقيّدا بالوجود الخارجي والذهني ، بل يكون له معنى ثالث ، وهو كون الموضوع له معنى كلّيّا ذا فرد واحد ، وهذا أيضا يقال له : الخاصّ.
وأمّا الكلام في المقام الثاني ـ أي تصوّر اللّفظ ـ فلا يخفى أنّ هاهنا تقسيم آخر بلحاظ كيفيّة تصوّر اللّفظ حين الوضع ؛ إذ الواضع إمّا يلاحظ اللفظ بمادّته وهيئته ، كما في أسماء الأجناس وأعلام الأشخاص ، وإمّا لا يلاحظ المادّة