ووجود واقعي ذهني ، وكانت له واقعيّة اخرى في نفس الأمر باسم الوجود الإنشائي ، وسيأتي إتمام وإكمال هذا البحث من هذه الجهة في مبحث الأوامر إن شاء الله.
الجهة الثانية : في أنّ لازم كلامه قدسسره في العقود الصحيحة تحقّق اعتبارين من العقلاء ، أحدهما اعتبار الوجود الإنشائي ، والآخر اعتبار الملكيّة ، مع أنّ العقلاء لم يلتزموا بهذا المعنى.
قال المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) في تفسير كلام صاحب الكفاية ما هذا إجماله : إنّ الوجود منحصر بالعيني والذهني والكتبي واللفظي ، ومراده قدسسره من الوجود الإنشائي هو الوجود اللفظي ، فيكون وجود المعنى بعين وجود اللفظ ، بحيث ينسب الوجود إلى اللفظ بالذات ، وإلى المعنى بالعرض وبالجعل والمواضعة ، كما أنّ ماهيّة الإنسان بسبب المصداق تتّصف بالوجود العيني ، وبسبب التصوّر تتّصف بالوجود الذهني ، كذلك المعنى يتّصف بالوجود اللفظي بسبب اللفظ ؛ لتحقّق العلاقة الوضعيّة بينهما ، فلفظ الإنسان بما أنّه لفظ له تحقّق ووجود حقيقة حين التكلّم به ، ولماهيّته تحقّق بالعرض ، وإنّما قيّدوه بنفس الأمر ، مع أنّ وجود اللفظ في الخارج وجود للمعنى أيضا بالعرض ؛ تنبيها على أنّ اللفظ بواسطة العلقة الوضعيّة وجود المعنى تنزيلا في جميع النشئات ، فكأنّ المعنى ثابت في مرتبة ذات اللفظ بحيث لا ينفكّ عنه في مرحلة من مراحل الوجود ، والمراد بنفس الأمر حدّ ذات الشيء ـ أي الماهيّة ـ من باب وضع الظاهر موضع المضمر.
إن قلت : هذا المطلب جار في جميع الألفاظ بالنسبة إلى معانيها من دون
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥.