لفظ «زيد» واستمع المخاطب أيضا هذا الطبيعيّ ، فليس من الاستعمال خبر ولا أثر.
ولكنّ التحقيق : أنّ الاستعمال في هذين القسمين ليس قابلا للإنكار ، وتوضيحه يتوقّف على بيان مقدّمة ، وهي : أنّ للفرديّة والكلّيّة واقعيّتين بحيث لا يمكن انفكاك الفرديّة من الفرد والكلّيّة من الكلّي ، فلا تكون فرديّة «زيد» من الامور الاعتباريّة بحيث إذا لوحظ مع خصوصيّاته يصير جزئيّا ، وإن لوحظ بدونها يصير كلّيّا. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ الفرد والكلّي متباينان من حيث الماهيّة وإن اتّحدا من حيث الوجود ، ولذا كان الحمل فيهما حملا شائعا صناعيّا ، مثل «زيد إنسان».
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ في قضيّة «زيد لفظ» لا إشكال في فرديّة «لفظ» لهذا الكلام ، فكيف يمكن تجريده منها فيكون اللّفظ فردا له ماهيّة وواقعيّة والمراد منه كلّي له واقعيّة وماهيّة اخرى؟! فالمستعمل شيء والمستعمل فيه شيء آخر ، فكان الاستعمال متحقّقا بلا إشكال.
إن قلت : سلّمنا أنّ المستعمل هو شخص «زيد» ولكن المستعمل فيه كلّي يشمل المستعمل أيضا ، فيلزم اتّحاد المستعمل والمستعمل فيه.
قلنا : إنّ المستعمل فيه هو نفس الكلّي ، وليس معنى انطباقه على المصاديق أن تكون الأفراد مستعمل فيه ، بل لا يكون المستعمل فيه هذا الفرد ولا سائر الأفراد ، فالمغايرة بينهما أوضح من أن يخفى ، فالاستعمال كان متحقّقا.